كتاب المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم (اسم الجزء: 2)

رواه أحمد (3/ 400)، والبخاري (858)، ومسلم (564) (73 و 74)، وأبو داود (3822)، والترمذي (1807)، والنسائي (2/ 43).
[454]- وَعَن أَبِي سَعِيدٍ الخُدرِيِّ، قَالَ: لَم نَعدُ أَن فُتِحَت خَيبَرُ، فَوَقَعنَا - أَصحَابُ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِي تِلكَ البَقلَةِ - الثُّومِ -، وَالنَّاسُ جِيَاعٌ، فَأَكَلنَا مِنهَا أَكلا شَدِيدًا، ثُمَّ رُحنَا إِلَى المَسجِدِ، فَوَجَدَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - الرِّيحَ، فَقَالَ: مَن أَكَلَ مِن هَذِهِ الشَّجَرَةِ الخَبِيثَةِ شَيئًا فَلا يَقرَبَنَّا فِي المَسجِدِ، فَقَالَ النَّاسُ: حُرِّمَت، حُرِّمَت. فَبَلَغَ ذَلكَ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ: يا أَيُّهَا النَّاسُ! إِنَّهُ لَيسَ بِي تَحرِيمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لِي، وَلَكِنَّهَا شَجَرَةٌ أَكرَهُ رِيحَهَا.
رواه أحمد (3/ 60 - 61)، ومسلم (565)، وأبو داود (3833).
ـــــــــــــــــــــــــــــ
المخصوص بمناجاة المَلَكِ، ولكن قد عَلَّلَ هذا الحكم في أول الحديث بما يقتضي التسوية بينه وبين غيره في هذا الحكم؛ حيث قال: فإن الملائكة تتأذّى مما يتأذّى منه بنو آدم، وقوله: ولا تؤذينّا بريح الثوم.
وقوله: من هذه الشجرة الخبيثة، أي: المستكرهة المنتنة. ولما سمع الصحابة هذا الذم ظنوا أنها قد حرمت، فصرَّحوا به، وكأنهم فهموا هذا من إطلاق الخبيثة عليها مع ما قد سمعوا من قول الله تعالى: {وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيهِمُ الخَبَائِثَ} فيبيَّن لهم النبي - صلى الله عليه وسلم -: أن إطلاق الخبيث لا يلزم منه التحريم؛ إذ قد يراد به ما لا يوافق عادة واستعمالا، وعند هذا لا يصح للشافعي الاحتجاج بقوله تعالى: {وَيُحَرِّمُ عَلَيهِمُ الخَبَائِثَ} على تحريم ما يُستخبث عادة كالحشرات وغيرها؛ إذ الخبائث منقسمة إلى مستخبث عادة، وإلى مستخبث شرعًا. ومراده تعالى في الآية: المستخبثات الشرعية؛ إذ قد أباح البصل والثوم مع أنها مستخبثة، وحرّم الخمر والخنزير وإن كان قد يستطاب، والله أعلم.

الصفحة 168