كتاب المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم (اسم الجزء: 2)

قَالَ ابنُ أَبِي مُلَيكَةَ: فَوَاللهِ مَا قَالَ ابنُ عُمَرَ مِن شَيءٍ.
وَفِي رِوَايَةٍ: لَمَّا بَلَغَ عَائِشَةَ قَولُ عُمَرَ وَابنِ عُمَرَ، قَالَت: إِنَّكُم لَتُحَدِّثُونِّي عَن غَيرِ كَاذِبَينِ وَلا مُكَذَّبَينِ وَلَكِنَّ السَّمعَ يُخطِئُ.
رواه البخاري (1286)، ومسلم (928) (23) و (929)، والنسائي (4/ 18 - 19).
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وثانيهما: أنه لا مُعارضة بين ما روت هي ولا ما رووا هم؛ إذ كلُّ واحد منهم أخبر عمَّا سمع وشاهد، وهما واقعتان مختلفتان. وأما استدلالُها على ردّ لك بقوله - تعالى -: {وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزرَ أُخرَى} فلا حجة فيه، ولا معارضة بين هذه الآية والحديث، على ما نُبديه من معنى الحديث إن شاء الله تعالى.
وقد اختلف العلماء فيه، فقيل: محمله على ما إذا كان النوح من وصيّته وسنّته، كما كانت الجاهلية تفعل، حتى قال طرفة:
إذا مِتُّ فانعَينِي بما أنا أهله ... وشقِّي عليّ الجيب يا ابنة معبد
وقد جمع عبد المطلب بناته عند موته وأمرهن أن ينعَيَنه ويندبنه (¬1) ففعلن، وأنشدت كل واحدة منهن شعرًا تمدحه فيه، فلما فرغن قال آخر ما كلّمهن: أحسنتنَّ، هكذا فانعَينَني، وإلى هذا نحا البخاري. وقيل: معناه: أن تلك الأفعال التي يُبكى بها الميت، مما كانوا يفعلونه في الجاهلية؛ من قتل النفوس، وأخذ
¬__________
(¬1) ساقط من (ع).

الصفحة 582