كتاب المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم (اسم الجزء: 2)

[809]- وَعَن عَائِشَةَ قَالَت: كُفِّنَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - فِي ثَلاثَةِ أَثوَابٍ بِيضٍ سَحُولِيَّةٍ مِن كُرسُفٍ، لَيسَ فِيهَا قَمِيصٌ وَلا عِمَامَةٌ، أَمَّا الحُلَّةُ فَإِنَّمَا شُبِّهَ عَلَى النَّاسِ فِيهَا أَنَّهَا اشتُرِيَت لَهُ لِيُكَفَّنَ فِيهَا، فَتُرِكَتِ الحُلَّةُ وَكُفِّنَ فِي
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وقولها كُفن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في ثلاثة أثواب بيض سَحُوليَّة يدلّ على استحباب البياض في الكفن، وقد قال صلى الله عليه وسلم: إن من خير ثيابكم البياض، فكفنوا فيها موتاكم (¬1). والكفن في غيره جائز، ومن أطلق عليه أنه مكروه فمعناه أن البياض أولى. واختلف قول مالك في المُعَصفَر؛ فمرَّةً كرهه لأنه مصبوغ يُتَجمَّل به، وليس بموضع تجمُّل، وأجازه أخرى لأنه من الطيب ولكثرة لباس العرب له. وسحولية: روايتنا فيه بفتح السين، وهي منسوبة إلى سَحول قرية باليمن. وفي الصحاح: السَّحل الثوب الأبيض من الكرسف من ثياب اليمن، ويُجمع سُحُول وسُحُل، قال: ويقال سَحول موضع باليمن، والسحولية منسوبة إليه. وقد كره مالك وعامة العلماء التكفين في ثياب الحرير للرجال والنساء، وأجازه ابن حبيب للنساء خاصة (¬2).
وقولها ليس فيها قميص ولا عمامة حمله الشافعيّ على أن ذلك ليس بموجود في الكفن، فلا يُقَمَّص. وحمله مالك على أنه ليس بمعدود فيه وأن العمامة والقميص زائدان على الثلاثة الأثواب. ويحتمل إن كانا موجودين، ولم يعدَّهما الراوي، فيقمّص ويُعمَّم. وهو قول مُتقدِّمِي أصحابه؛ ابن القاسم وغيره، وهو قول أبي حنيفة. وحكى ابن القصار أن القميص والعمامة غير مستحبين عند مالك، ونحوه عن ابن القاسم، وعلى هذا فيدرج في الثلاثة الأثواب إدراجًا.
وقولها أما الحُلَّة فإنّما شُبِّه على الناس فيها، قال الخليل: الحلَّة
¬__________
(¬1) رواه أحمد (2/ 240).
(¬2) ما بين حاصرتين ساقط من (ع).

الصفحة 599