كتاب المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم (اسم الجزء: 2)

كُنتُم آذَنتُمُونِي؟ قَالَ: وَكَأَنَّهُم صَغَّرُوا أَمرَهَا - أَو أَمرَهُ، فَقَالَ: دُلُّونِي عَلَى قَبرِهِ! فَدَلُّوهُ، فَصَلَّى عَلَيهَا، ثُمَّ قَالَ: إِنَّ هَذِهِ القُبُورَ مَملُوءَةٌ ظُلمَةً عَلَى أَهلِهَا، وَإِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ يُنَوِّرُهَا لَهُم بِصَلاتِي عَلَيهِم.
رواه أحمد (2/ 353 و 388)، والبخاري (458)، ومسلم (956)، وأبو داود (3203)، وابن ماجه (1527).
* * *
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وثانيها: أنه - صلى الله عليه وسلم - قد قال: من صلّى عليه مائة أو أربعون من المسلمين شفعوا فيه - (¬1) فقد أعلمنا أنّ ذلك يكون من غيره.
وثالثها: أنه كان يلزم منه ألا يصلّى على ميِّتٍ بعد النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - لإمكان الخصوصية فيمن صلّى عليه النبي صلى الله عليه وسلم، وهذا باطل.
وأشبه ما قيل في حديث السوداء أنّه - صلى الله عليه وسلم - صلَّى على قبرها لأنه لم يصلِّ عليها صلاةً جائزة؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - هو الإمام ولم يستخلف، بل قد روي أنه - صلى الله عليه وسلم - أمَرهم أن يُعلِموه بموتها فلم يُعلِموه بذلك كراهة أن يشقّوا عليه، كما ذكره مالك من حديث أبي أمامة بن سهل بن حنيف أنّ مسكينة مرضت (¬2)، وهذه المسكينة هي السوداء في هذا الحديث، والله أعلم.
ويحصل منه أنّه مَن دُفِنَ بغير صلاة أنّه يصلَّى على قبره ولا يُخرَج، ولا يترك بغير صلاة، وهو الصحيح، والله تعالى أعلم.
* * *
¬__________
(¬1) سبق تخريجه برقم (815 و 816).
(¬2) رواه مالك في الموطأ (1/ 227).

الصفحة 618