كتاب بداية المجتهد - ط الحلبي (اسم الجزء: 2)

بغير يمين هل يكون موليا أم لا ومنها هل المولي هو الذي قيد يمينه بمدة من أربعة أشهر فقط أو أكثر من ذلك أو المولي هو الذي لم يقيد يمينه بمدة أصلا ومنها هل طلاق الإيلاء بائن أو رجعي ومنها إن أبى الطلاق والفيء هل يطلق القاضي عليه أم لا ومنها هل يتكرر الإيلاء إذا طلقها ثم راجعها من غير إيلاء حادث في الزواج الثاني ومنها هل من شرط رجعة المولي أن يطأها في العدة أم لا ومنها هل إيلاء العبد حكمه أن يكون مثل إيلاء الحر أم لا ومنها هل إذا طلقها بعد انقضاء مدة الإيلاء تلزمها عدة أم لا فهذه هي مسائل الخلاف المشهورة في الإيلاء بين فقهاء الأمصار التي تتنزل من هذا الباب منزلة الأصول ونحن نذكر خلافهم في مسألة مسألة منها وعيون أدلتهم وأسباب خلافهم على ما قصدنا.
(المسألة الأولى) أما اختلافهم هل تطلق بانقضاء الأربعة الأشهر نفسها أم لا تطلق وإنما الحكم أن يوقف فإما فاء وإما طلق فإن مالكا والشافعي وأحمد وأبا ثور وداود والليث ذهبوا إلى أنه يوقف بعد انقضاء الأربعة الأشهر فإما فاء وإما طلق وهو قول علي وابن عمر وإن كان قد روي عنهما غير ذلك لكن الصحيح هو هذا وذهب أبو حنيفة وأصحابه والثوري وبالجملة الكوفيون إلى أن الطلاق يقع بانقضاء الأربعة الأشهر إلا أن يفيء فيها وهو قول ابن مسعود وجماعة من التابعين.
وسبب الخلاف:
هل قوله تعالى :{فَإِنْ فَاءُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} أي فإن فاءوا قبل انقضاء الأربعة الأشهر أو بعدها فمن فهم منه قبل انقضائها قال يقع الطلاق ومعنى العزم عنده في قوله تعالى :{وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلاقَ فَإِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} أن لا يفيء حتى تنقضي المدة.
فمن فهم من اشتراط الفيئة اشتراطها بعد انقضاء المدة قال معنى قوله وإن عزموا الطلاق أي باللفظ فإن الله سميع عليم.
وللمالكية في الآية أربعة أدلة أحدها أنه جعل مدة التربص حقا للزوج دون الزوجة فأشبهت مدة الأجل في الديون المؤجلة الدليل الثاني أن الله تعالى أضاف الطلاق إلى فعله.
وعندهم ليس يقع من فعله إلا تجوزا أعني ليس ينسب إليه على مذهب الحنفية إلا تجوزا وليس يصار إلى المجاز عن الظاهر إلا بدليل.
الدليل الثالث قوله تعالى :{وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلاقَ فَإِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} قالوا فهذا يقتضي وقوع الطلاق على

الصفحة 100