كتاب بداية المجتهد - ط الحلبي (اسم الجزء: 2)

وجه يسمع وهو وقوعه باللفظ لا بانقضاء المدة.
الرابع: أن الفاء في قوله تعالى :{فَإِنْ فَاءُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} ظاهرة في معنى التعقيب فدل ذلك على أن الفيئة بعد المدة وربما شبهوا هذه المدة بمدة العتق.
وأما أبو حنيفة فإنه اعتمد في ذلك تشبيه هذه المدة بالعدة الرجعية إذ كانت العدة إنما شرعت لئلا يقع منه ندم وبالجملة فشبهوا الإيلاء بالطلاق الرجعي وشبهوا المدة بالعدة وهو شبه قوي وقد روي ذلك عن ابن عباس.
(المسألة الثانية) وأما اختلافهم في اليمين التي يكون بها الإيلاء فإن مالكا قال يقع الإيلاء بكل يمين وقال الشافعي لا يقع إلا بالأيمان المباحة في الشرع وهي اليمين بالله أو بصفة من صفاته فمالك اعتمد العموم أعني عموم قوله تعالى:{للذين يولون من نسائهم تربص أربعة.
أشهر والشافعي يشبه الإيلاء بيمين الكفارة وذلك أن كلا اليمينين يترتب عليهما حكم شرعي فوجب أن تكون اليمين التي ترتب عليها حكم الإيلاء هي اليمين التي يترتب عليها الحكم الذي هو الكفارة.
(المسألة الثالثة) وأما لحوق حكم الإيلاء للزوج إذا ترك الوطء بغير يمين فإن الجمهور على أنه لا يلزمه حكم الإيلاء بغير يمين ومالك يلزمه وذلك إذا قصد الإضرار بترك الوطء وإن لم يحلف على ذلك فالجمهور اعتمدوا الظاهر ومالك اعتمد المعنى لأن الحكم إنما لزمه باعتقاده ترك الوطء وسواء شد ذلك الاعتقاد بيمين أو بغير يمين لأن الضرر يوجد في الحالتين جميعا.
(المسألة الرابعة) وأما اختلافهم في مدة الإيلاء فإن مالكا ومن قال بقوله يرى أن مدة الإيلاء يجب أن تكون أكثر من أربعة أشهر إذ كان الفيء عندهم إنما هو بعد الأربعة الأشهر وأما أبو حنيفة فإن مدة الإيلاء عنده هي الأربعة الأشهر فقط إذ كان الفيء عنده إنما هو فيها وذهب الحسن وابن أبي ليلى إلى أنه إذا حلف وقتا ما وإن كان أقل من أربعة أشهر كان موليا يضرب له الأجل إلى انقضاء الأربعة الأشهر من وقت اليمين.
وروي عن ابن عباس أن المولي هو من حلف أن لا يصيب امرأته على التأبيد.
والسبب في اختلافهم:
في المدة إطلاق الآية فاختلافهم في وقت الفيء وفي صفة اليمين ومدته هو كون الآية عامة في هذه المعاني أو مجملة وكذلك اختلافهم في صفة المولي والمولى

الصفحة 101