قالوا: إنه كان طلاق الجاهلية فنسخ تحريمه بالكفارة وهو معنى قوله تعالى :{ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا} والعود عندهم هو العود في الإسلام.
فأما القائلون باشتراط العود في إيجاب الكفارة فإنهم اختلفوا فيه ما هو فعن مالك في ذلك ثلاث روايات إحداهن أن العود هو أن يعزم على إمساكها والوطء معا.
والثانية أن يعزم على وطئها فقط وهي الرواية الصحيحة المشهورة عن أصحابه وبه قال أبو حنيفة وأحمد.
والرواية الثالثة أن العود هو نفس الوطء.
وهي أضعف الروايات عند أصحابه.
وقال الشافعي العود هو الإمساك نفسه.
قال ومن مضى له زمان يمكنه أن يطلق فيه ولم يطلق ثبت أنه عائد ولزمته الكفارة لأن إقامته زمانا يمكن أن يطلق فيه أن يطلق يقوم مقام إرادة الإمساك منه أو هو دليل ذلك.
وقال داود وأهل الظاهر العود هو أن يكرر لفظ الظهار ثانية ومتى لم يفعل ذلك فليس بعائد ولا كفارة عليه.
فدليل الرواية.المشهورة لمالك ينبني على أصلين أحدهما أن المفهوم من الظهار هو أن وجوب الكفارة فيه إنما يكون بإرادته العود إلى ما حرم على نفسه بالظهار وهو الوطء.
وإذا كان ذلك كذلك وجب أن تكون العودة هي إما الوطء نفسه وإما العزم عليه وإرادته.
والأصل الثاني ليس يمكن أن يكون العود نفسه هو وطء لقوله تعالى:في الآية {فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا} ولذلك كان الوطء محرما حتى يكفر.
قالوا ولو كان العود نفسه هو الإمساك لكان الظهار نفسه يحرم الإمساك فكان الظهار يكون طلاقا.
وبالجملة فالمعول عليه عندهم في هذه المسألة هو الطريق الفقهاء بطريق السبر والتقسيم وذلك أن معنى العود لا يخلو أن يكون تكرار اللفظ على ما يراه داود أو الوطء نفسه أو الإمساك نفسه أو إرادة الوطء.
ولا يكون تكرار اللفظ لأن ذلك تأكيد والتأكيد لا يوجب الكفارة ولا يكون إرادة الإمساك للوطء فإن الإمساك موجود بعد فقد بقي أن يكون إرادة الوطء وإن كان إرادة الإمساك للوطء فقد أراد الوطء فثبت أن العود هو الوطء.
ومعتمد الشافعية في إجرائهم إرادة الإمساك أو الإمساك للوطء مجرى إرادة الوطء أن الإمساك يلزم عنه الوطء فجعلوا لازم الشيء مشبها بالشيء وجعلوا حكمهما واحدا وهو قريب من الرواية الثانية وربما استدلت الشافعية على أن إرادة الإمساك هو السبب في وجوب