الكفارة أن الكفارة ترتفع بارتفاع الإمساك وذلك إذا طلق إثر الظهار ولهذا احتاط مالك في الرواية الثانية فجعل العود هو إرادة الأمرين جميعا أعني الوطء والإمساك وإما أن يكون العود الوطء فضعيف ومخالف للنص والمعتمد فيها تشبيه الظهار باليمين أي كما أن كفارة اليمين إنما تجب بالحنث كذلك الأمر ههنا وهو قياس شبه عارضه النص.
وأما داود فإنه تعلق بظاهر اللفظ في قوله تعالى :{ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا} وذلك يقتضي الرجوع إلى القول نفسه وعند أبي حنيفة أنه العود في الإسلام إلى ما تقدم من ظهارهم في الجاهلية.
وعند مالك والشافعي أن المعنى في الآية ثم يعودون فيما قالوا.
وسبب الخلاف:
بالجملة إنما هو مخالفة الظاهر للمفهوم فمن اعتمد المفهوم جعل العودة إرادة الوطء أو الإمساك وتأول معنى اللام في قوله تعالى :{ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا} بمعنى الفاء وأما من اعتمد الظاهر فإنه جعل العودة تكرير اللفظ وأن العودة الثانية إنما هي ثانية للأولى التي كانت منهم في الجاهلية.
ومن تأول أحد هذين فالأشبه له أن يعتقد أن بنفس الظهار تجب الكفارة كما اعتقد ذلك مجاهد إلا أن يقدر في الآية محذوفا وهو إرادة الإمساك فهنا إذن ثلاثة مذاهب إما أن تكون العودة هي تكرار اللفظ وإما أن تكون إرادة الإمساك وإما أن تكون العودة التي هي في الإسلام وهذان ينقسمان قسمين أعني الأول والثالث أحدهما أن يقدر في الآية محذوفا وهو إرادة الإمساك فيشترط هذه الإرادة في وجوب الكفارة وإما ألا يقدر فيها محذوفا فتجب الكفارة بنفس الظهار.
واختلفوا من هذا الباب.في فروع وهو هل إذا طلق قبل إرادة الإمساك أو ماتت عنه زوجته هل تكون عليه كفارة أم لا فجمهور العلماء على أن لا كفارة عليه إلا أن يطلق بعد إرادة العودة أو بعد الإمساك بزمان طويل على ما يراه الشافعي.
وحكي عن عثمان البتي أن عليه الكفارة بعد الطلاق وأنها إذا ماتت قبل إرادة العودة لم يكن له سبيل إلى ميراثها إلا بعد الكفارة.
وهذا شذوذ مخالف للنص.
والله أعلم.
الفصل الثالث فيمن يصح فيه الظهار
واتفقوا على لزوم الظهار من الزوجة التي في العصمة واختلفوا في الظهار من الأمة ومن التي في غير العصمة وكذلك اختلفوا في ظهار المرأة من الرجل.