كتاب بداية المجتهد - ط الحلبي (اسم الجزء: 2)

تعالى :{ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ}.
واختلفوا أيضا من هذا الباب في هل تظاهر المرأة من الرجل فعن العلماء في ذلك ثلاثة أقوال أشهرها أنه لا يكون منها ظهار وهو قول مالك والشافعي.
والثاني أن عليها كفارة يمين.
والثالث أن عليها كفارة الظهار.
ومعتمد الجمهور تشبيه الظهار بالطلاق ومن ألزم المرأة الظهار فتشبيها للظهار باليمين ومن فرق فلأنه رأى أن أقل اللازم لها في ذلك المعنى هو كفارة يمين وهو ضعيف.
وسبب الخلاف:
تعارض الأشباه في هذا المعنى.
الفصل الرابع فيما يحرم على المظاهر
واتفقوا على أن المظاهر يحرم عليه الوطء.
واختلفوا فيما دونه من ملامسة ووطء في غير الفرج ونظر اللذة فذهب مالك إلى أنه يحرم الجماع وجميع أنواع الاستمتاع مما دون الجماع من الوطء فيما دون الفرج واللمس والتقبيل والنظر للذة ما عدا وجهها وكفيها ويديها من سائر بدنها ومحاسنها وبه قال أبو حنيفة إلا أنه إنما كره النظر للفرج فقط وقال الشافعي إنما يحرم الظهار الوطء في الفرج فقط المجمع عليه لا ما عدا ذلك وبه قال الثوري وأحمد وجماعة.
ودليل مالك قوله تعالى :{ ِمن قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا} وظاهر لفظ التماس يقتضي المباشرة فما فوقها ولأنه أيضا لفظ حرمت به عليه فأشبه لفظ الطلاق ودليل قول الشافعي أن المباشرة كناية ههنا عن الجماع بدليل إجماعهم على أن الوطء محرم عليه وإذا دلت على الجماع لم تدل على ما فوق الجماع لأنها إما أن تدل على ما فوق الجماع وإما أن تدل على الجماع وهي الدلالة المجازية ولكن قد اتفقوا على أنها دالة على الجماع فانتفت الدلالة المجازية إذ لا يدل لفظ واحد دلالتين حقيقة ومجازا.
قلت الذين يرون أن اللفظ المشترك له عموم لا يبعد أن يكون اللفظ الواحد عندهم يتضمن المعنيين جميعا أعني الحقيقة والمجاز وإن كان لم تجر به عادة للعرب ولذلك القول به في غاية من الضعف ولو علم أن للشرع فيه تصرفا لجاز وأيضا فإن الظهار مشبه عندهم بالإيلاء فوجب أن يختص عندهم بالفرج.

الصفحة 109