كتاب بداية المجتهد - ط الحلبي (اسم الجزء: 2)

في الشهادة إذ قد سماهم الله شهداء لقوله :{فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ } ويقولون إنه لا يكون لعان إلا بين من يجب عليه الحد في القذف الواقع بينهما.
وقد اتفقوا على أن العبد لا يحد بقذفه وكذلك الكافر فشبهوا من يجب عليه اللعان بمن يجب في قذفه الحد إذ كان اللعان إنما وضع لدرء الحد مع نفي النسب.
وربما احتجوا بما روى عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " لا لعان بين أربعة العبدين والكافرين" والجمهور يرون أنه يمين وإن كان يسمى شهادة فإن أحدا لا يشهد لنفسه وأما أن الشهادة قد يعبر عنها باليمين فذلك بين في قوله تعالى :{إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا} الآية ثم قال :{ اتَّخَذُوا أَيْمَانَهُمْ جُنَّةً}.
وأجمعوا على جواز لعان الأعمى واختلفوا في الأخرس فقال مالك والشافعي يلاعن الأخرس إذا فهم عنه وقال أبو حنيفة لا يلاعن لأنه ليس من أهل الشهادة.
وأجمعوا على أن من شرطه العقل والبلوغ.
الفصل الثالث في صفة اللعان
فأما صفة اللعان فمتقاربة عند جمهور العلماء وليس بينهم في ذلك كبير خلاف وذلك على ظاهر ما تقتضيه ألفاظ الآية فيحلف الزوج أربع شهادات بالله لقد رأيتها تزني وأن ذلك الحمل ليس مني ويقول في الخامسة لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين ثم تشهد هي أربع شهادات بنقيض ما شهد هو به ثم تخمس بالغضب هذا كله متفق عليه.
واختلف الناس هل يجوز أن يبدل مكان اللعنة الغضب ومكان الغضب اللعنة ومكان أشهد أقسم ومكان قوله بالله غيره من أسمائه والجمهور على أنه لا يجوز من ذلك إلا ما نص عليه من هذه الألفاظ أصله عدد الشهادات وأجمعوا على أن شرط صحته أن يكون بحكم حاكم.
الفصل الرابع في حكم نكول أحدهما أو رجوعه
فأما إذا نكل الزوج فقال الجمهور إنه يحد وقال أبو حنيفة إنه لا يحد ويحبس.
وحجة الجمهور عموم قوله تعالى :{وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ} الآية.

الصفحة 119