كتاب بداية المجتهد - ط الحلبي (اسم الجزء: 2)

وخالف قول مالك المشهور في الكتابية ابن نافع وأشهب وروياه عن مالك وبه قال الشافعي أعني أنه لا إحداد على الكتابية وقال أبو حنيفة ليس على الصغيرة ولا على الكتابية إحداد وقال قوم ليس على الأمة المزوجة إحداد وقد حكي ذلك عن أبي حنيفة.
فهذا هو اختلافهم المشهور فيمن عليه إحداد من أصناف الزوجات ممن ليس عليه إحداد.
وأما اختلافهم من قبل العدد فإن مالكا قال لا إحداد إلا في عدة الوفاة.
وقال أبو حنيفة والثوري الإحداد في العدة من الطلاق البائن واجب وأما الشافعي فاستحسنه للمطلقة ولم يوجبه.
وأما الفصل الثالث وهو ما تمتنع الحادة منه مما لا تمتنع عنه فإنها تمتنع عند الفقهاء بالجملة من الزينة الداعية للرجال إلى النساء وذلك كالحلي والكحل إلا ما لم تكن فيه زينة ولباس الثياب المصبوغة إلا السواد فإنه لم يكره مالك لها ورخص كلهم في الكحل عند الضرورة فبعضهم اشترط فيه ما لم يكن فيه زينة وبعضهم لم يشترطه وبعضهم اشترط جعله بالليل دون النهار.
وبالجملة فأقاويل الفقهاء فيما تجتنب الحادة متقاربة وذلك ما يحرك الرجال بالجملة إليهن.
وإنما صار الجمهور لإيجاب الإحداد في الجملة لثبوت السنة بذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فمنها حديث أم سلمة زوج النبي عليه الصلاة والسلام "أن امرأة جاءت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت يا رسول الله إن ابنتي توفي عنها زوجها وقد اشتكت عينيها أفتكتحلهما فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا مرتين أو ثلاثا كل ذلك يقول لها لا ثم قال إنما هي أربعة أشهر وعشر وقد كانت إحداكن ترمى بالبعرة على رأس الحول".
وقال أبو محمد فعلى هذا الحديث يجب التعويل على القول بإيجاب الإحداد.
وأما حديث أم حبيبة حين دعت بالطيب فمسحت به عارضيها ثم قالت والله ما لي به من أني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " لا يحل لامرأة مؤمنة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تحد على ميت فوق ثلاث ليال إلا على زوج أربعة أشهر وعشرا" فليس فيه حجة لأنه استثناء من حظر فهو يقتضي الإباحة دون الإيجاب.
وكذلك حديث زينب بنت جحش.
قال القاضي وفي الأمر إذا ورد بعد الحظر خلاف بين المتكلمين أعني هل

الصفحة 123