الفصل الأول
في معرفة الأشياء التي لا يجوز فيها التفاضل ولا يجوز فيها النساء وتبيين علة ذلك فنقول أجمع العلماء على أن التفاضل والنساء مما لا يجوز واحد منهما في الصنف الواحد من الأصناف التي نص عليها في حديث عبادة بن الصامت إلا ما حكي عن ابن عباس وحديث عبادة هو قال " سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهى عن بيع الذهب بالذهب والفضة بالفضة والبر بالبر والشعير بالشعير والتمر بالتمر والملح بالملح إلا سواء بسواء عينا بعين فمن زاد أو ازداد فقد.أربى" فهذا الحديث نص في منع التفاضل في الصنف الواحد من هذه الأعيان.
وأما منع النسيئة فيها فثابت من غير ما حديث أشهرها حديث عمر بن الخطاب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" الذهب بالذهب ربا إلا هاء وهاء والبر بالبر ربا إلا هاء وهاء والتمر بالتمر ربا إلا هاء وهاء والشعير بالشعير ربا إلا هاء وهاء" فتضمن حديث عبادة منع التفاضل في الصنف الواحد وتضمن أيضا حديث عبادة منع النساء في الصنفين من هذه وإباحة التفاضل وذلك في بعض الروايات الصحيحة وذلك أن فيها بعد ذكره منع التفاضل في تلك الستة وبيعوا الذهب بالورق كيف شئتم يدا بيد والبر بالشعير كيف شئتم يدا بيد وهذا كله متفق عليه بين الفقهاء إلا البر بالشعير.
واختلفوا فيما سوى هذه الستة المنصوص عليها فقال قوم منهم أهل الظاهر إنما يمتنع التفاضل في صنف صنف من هذه الأصناف الستة فقط وأن ما عداها لا يمتنع في الصنف الواحد منها التفاضل وقال هؤلاء أيضا إن النساء ممتنع في هذه الستة فقط اتفقت الأصناف أو اختلفت وهذا أمر متفق عليه أعني امتناع النساء فيها مع اختلاف الأصناف إلا ما حكي عن ابن علية أنه قال إذا اختلف الصنفان جاز التفاضل والنسيئة ما عدا الذهب والفضة.
فهؤلاء جعلوا النهي المتعلق بأعيان هذه الستة من باب الخاص أريد به الخاص.
وأما الجمهور من فقهاء الأمصار فإنهم اتفقوا على أنه من باب الخاص أريد به العام واختلفوا في المعنى العام الذي وقع التنبيه