كتاب بداية المجتهد - ط الحلبي (اسم الجزء: 2)

وزان الاختلاف الذي بين الأشياء المنصوص عليها هو الاختلاف الذي تراه في اللحم والحنفية أقوى من جهة المعنى لأن تحريم التفاضل إنما هو عند اتفاق المنفعة.
(مسألة) واختلفوا من هذا الباب في بيع الحيوان بالميت على ثلاثة أقوال قول إنه لا يجوز بإطلاق وهو قول الشافعي والليث وقول إنه يجوز في الأجناس المختلفة التي يجوز فيها التفاضل ولا يجوز ذلك في المتفقة أعني الربوية لمكان الجهل الذي فيها من طريق التفاضل وذلك في التي المقصود منها الأكل وهو قول مالك فلا يجوز شاة مذبوحة.
بشاة تراد للأكل وذلك عنده في الحيوان المأكول حتى أنه لا يجيز الحي بالحي إذا كان المقصود الأكل من أحدهما فهي عنده من هذا الباب أعني أن امتناع ذلك عنده من جهة الربا والمزابنة وقول ثالث أنه يجوز مطلقا وبه قال أبو حنيفة.
وسبب الخلاف:
معارضة الأصول في هذا الباب لمرسل سعيد بن المسيب وذلك أن مالكا روى عن زيد بن أسلم عن سعيد بن المسيب "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الحيوان باللحم" فمن لم تنقدح عنده معارضة هذا الحديث لأصل من أصول البيوع التي توجب التحريم قال به ومن رأى أن الأصول معارضة له وجب عليه أحد أمرين إما أن يغلب الحديث فيجعله أصلا زائدا بنفسه أو يرده لمكان معارضة الأصول له فالشافعي غلب الحديث وأبو حنيفة غلب الأصول و مالك رده إلى أصوله في البيوع فجعل البيع فيه من باب الربا أعني بيع الشيء الربوي بأصله مثل بيع الزيت بالزيتون وسيأتي الكلام على هذا الأصل فإنه الذي يعرفه الفقهاء بالمزابنة وهي داخلة في الربا بجهة وفي الغرر بجهة وذلك أنها ممنوعة في الربويات من جهة الربا والغرر في غير الربويات من جهة الغرر فقط الذي سببه الجهل بالخارج عن الأصل.
( مسألة) ومن هذا الباب اختلافهم في بيع الدقيق بالحنطة مثلا بمثل فالأشهر عن مالك جوازه وهو قول مالك في موطئه وروي عنه أنه لا يجوز وهو قول الشافعي وأبي حنيفة وابن الماجشون من أصحاب مالك وقال بعض أصحاب مالك ليس هو اختلافا من قوله وإنما رواية المنع إذا كان

الصفحة 137