كتاب بداية المجتهد - ط الحلبي (اسم الجزء: 2)

هل تنتقل الولاية إلى الأبعد أو إلى السلطان؟. والثالثة: إذا غاب الأب عن ابنته البكر هل تنتقل الولاية أو لا تنتقل؟
(فأما المسألة الأولى) فاختلف فيها قول مالك فمرة قال: إن زوج الأبعد مع حضور الأقرب فالنكاح مفسوخ ومرة قال: النكاح جائز ومرة قال: للأقرب أن يجيز أو يفسخ, وهذا الخلاف كله عنده فيما عدا الأب في ابنته البكر والوصي في محجورته فإنه لا يختلف قوله أن النكاح في هذين مفسوخ أعني تزويج غير الأب البنت البكر مع حضور الأب الوصي المحجورة مع حضور الوصي وقال الشافعي: لا يعقد أحد مع حضور الأب لا في بكر ولا في ثيب.
وسبب هذا الاختلاف:
هو هل الترتيب حكم شرعي: أعني ثابتا بالشرع في الولاية أم ليس بحكم شرعي؟ وإن كان حكما فهل ذلك حق من حقوق الولي الأقرب أم ذلك حق من حقوق الله؟ فمن لم ير الترتيب حكما شرعيا قال: يجوز نكاح الأبعد مع حضور الأقرب ومن رأى أنه حكم شرعي ورأى أنه حق للولي قال: النكاح منعقد فإن أجازه الولي جاز وإن لم يجزه انفسخ ومن رأى أنه حق لله قال: النكاح غير منعقد وقد أنكر قوم هذا المعنى في المذهب: أعني أن يكون النكاح منفسخاً غير منعقد.
(وأما المسألة الثانية) فإن مالكا يقول: إذا غاب الولي الأقرب انتقلت الولاية إلى الأبعد وقال الشافعي: تنتقل إلى السلطان.
وسبب اختلافهم:
هل الغيبة في ذلك بمنزلة الموت؟ أم لا وذلك أنه لا خلاف عندهم في انتقالها في الموت.
(وأما المسألة الثالثة) وهي غيبة الأب عن ابنته البكر فإن في المذهب فيها تفصيلا واختلافا وذلك راجع إلى بعد المكان وطول الغيبة أو قربه والجهل بمكانه أو العلم به.
وحاجة البنت إلى النكاح إما لعدم النفقة وإما لما يخاف عليها من عدم الصون.
وإما للأمرين جميعا فاتفق المذهب على أنه إذا كانت الغيبة بعيدة أو كان الأب مجهول الوضع أو أسيرا وكانت في صون وتحت نفقة أنها إن لم تدعُ إلى التزويج لا تزوج وإن دعت فتزوج عند الأسر وعند الجهل بمكانه.
واختلفوا هل تزوج مع العلم بمكانه أم لا إذا كان بعيدا فقيل تزوج وهو قول مالك وقيل لا تزوج وهو قول عبد الملك وابن وهب.
وأما إن

الصفحة 14