كتاب بداية المجتهد - ط الحلبي (اسم الجزء: 2)

أحدهما أعلى من الوسط والآخر أدون منه فإن مالكا يرد هذا لأنه يتهمه أن يكون إنما قصد أن يدفع مدين من الوسط في مد من الطيب فجعل معه الرديء ذريعة إلى تحليل ما لا يجب من ذلك ووافقه الشافعي في هذا ولكن التحريم عنده ليس هو فيما أحسب لهذه التهمة لأنه لا يعمل التهم ولكن يشبه أن يعتبر التفاضل في الصفة وذلك أنه متى لم تكن زيادة الطيب على الوسط مثل نقصان الرديء عن الوسط وإلا فليس هناك مساواة في الصفة.
ومن هذا الباب اختلافهم في جواز بيع صنف من الربويات بصنف مثله وعرض أو دنانير أو دراهم إذا كان الصنف الذي يجعل معه العرض أقل من ذلك الصنف المفرد أو يكون مع كل واحد منهما عرض والصنفان مختلفان في القدر فالأول مثل أن يبيع كيلين من التمر بكيل من التمر ودرهم.
والثاني مثل أن يبيع كيلين من التمر وثوب بثلاثة أكيال من التمر ودرهم.
فقال مالك والشافعي والليث إن ذلك لا يجوز وقال أبو حنيفة والكوفيون إن ذلك جائز.
فسبب الخلاف هل ما يقابل العرض من الجنس الربوي ينبغي أن يكون مساويا له في القيمة أو يكفي في ذلك رضا البائع فمن قال الاعتبار بمساواته في القيمة قال لا يجوز لمكان الجهل بذلك لأنه إذا لم يكن العرض مساويا لفضل أحد الربويين على الثاني كان التفاضل ضرورة مثل ذلك أنه إن باع كيلين من تمر بكيل وثوب فقد يجب أن تكون قيمة الثوب تساوي الكيل وإلا وقع التفاضل ضرورة.
وأما أبو حنيفة فيكتفي في ذلك بأن يرضى به المتبايعان ومالك يعتبر أيضا في هذا سد الذريعة لأنه إنما جعل جاعل ذلك ذريعة إلى بيع الصنف الواحد متفاضلا فهذه مشهورات مسائلهم في هذا الجنس.
باب في بيوع الذرائع الربوية
وههنا شيء يعرض للمتبايعين إذا قال أحدهما للآخر بزيادة أو نقصان وللمتبايعين إذا اشترى أحدهما من صاحبه الشيء الذي باعه بزيادة أو نقصان وهو أن يتصور بينهما من غير قصد إلى ذلك تبايع ربوي مثل أن يبيع إنسان من إنسان سلعة بعشرة دنانير نقدا ثم يشتريها منه بعشرين إلى أجل فإذا أضيفت البيعة الثانية إلى الأولى استقر الأمر على أن أحدهما دفع عشرة دنانير

الصفحة 140