الباب الثالث
وهي البيوع المنهي عنها من قبل الغبن الذي سببه الغرر والغرر يوجد في المبيعات من جهة الجهل على أوجه إما من جهة الجهل بتعيين المعقود عليه أو تعيين العقد أو من جهة الجهل بوصف الثمن والمثمون المبيع أو بقدره أو بأجله إن كان هنالك أجل وإما من جهة الجهل بوجوده أو تعذر القدرة عليه وهذا راجع إلى تعذر التسليم وإما من جهة الجهل بسلامته أعني بقاءه وههنا بيوع تجمع أكثر هذه أو بعضها.
ومن البيوع التي توجد فيها هذه الضروب من الغرر بيوع منطوق بها وبيوع مسكوت عنها والمنطوق به أكثره متفق عليه وإنما يختلف في شرح أسمائها والمسكوت عنه مختلف فيه ونحن نذكر أولا المنطوق به في الشرع وما يتعلق به من الفقه ثم نذكر بعد ذلك من المسكوت عنه ما شهر الخلاف فيه بين فقهاء الأمصار ليكون كالقانون في نفس الفقه أعني في رد الفروع إلى الأصول.
فأما المنطوق به في الشرع فمنه "نهيه صلى الله عليه وسلم عن بيع حبل الحبلة" ومنها "نهيه عن بيع ما لم يخلق وعن بيع الثمار حتى تزهى وعن بيع الملامسة والمنابذة وعن بيع الحصاة" ومنها" نهيه عن المعاومة وعن بيعتين في بيعة.
وعن بيع وشرط وعن بيع وسلف وعن بيع السنبل حتى يبيض والعنب حتى يسود" "ونهيه عن المضامين والملاقيح".
أما بيع الملامسة فكانت صورته في الجاهلية أن يلمس الرجل الثوب ولا ينشره أو يبتاعه ليلا ولا يعلم ما فيه وهذا مجمع على تحريمه وسبب تحريمه الجهل بالصفة.
وأما بيع المنابذة فكان أن ينبذ كل واحد من المتبايعين إلى صاحبه الثوب من غير أن يعين أن هذا بهذا بل كانوا يجعلون ذلك راجعا إلى الاتفاق.
وأما بيع الحصاة فكانت صورته عندهم أن يقول المشتري أي ثوب وقعت عليه الحصاة التي أرمي بها فهو لي وقيل أيضا إنهم كانوا يقولون إذا وقعت الحصاة من يدي فقد وجب البيع.
وهذا قمار.
وأما بيع حبل الحبلة ففيه تأويلان أحدهما أنها كانت بيوعا يؤجلونها إلى أن تنتج الناقة ما في بطنها ثم ينتج ما في بطنها والغرر من جهة الأجل في هذا بين وقيل إنما هو بيع جنين الناقة وهذا من باب النهي
عن