كتاب بداية المجتهد - ط الحلبي (اسم الجزء: 2)

ولا يرجع بنصف الزيادة.
وسبب اختلافهم:
هل تملك المرأة الصداق قبل الدخول أو الموت ملكا مستقرا أو لا تملكه؟ فمن قال إنها لا تملكه ملكا مستقرا قال: هما فيه شريكان ما لم تتعد فتدخله في منافعها ومن قال تملكه ملكا مستقرا والتشطير حق واجب تعين عليها عند الطلاق وبعد استقرار الملك أوجب الرجوع عليها بجميع ما ذهب عندها ولم يختلفوا أنها إذا صرفته في منافعها ضامنة للنصف.
واختلفوا إذا اشترت به ما يصلحها للجهاز مما جرت به العادة هل يرجع عليها بنصف ما اشترته أم بنصف الصداق الذي هو الثمن؟ فقال: مالك يرجع عليها بنصف ما اشترته وقال أبو حنيفة والشافعي: يرجع عليها بنصف الثمن الذي هو الصداق.
واختلفوا من هذا الباب في فرع مشهور متعلق بالسماع وهو هل للأب أن يعفو عن نصف الصداق في ابنته البكر؟ أعني إذا طلقت قبل الدخول وللسيد في أمته؟ فقال مالك: ذلك له وقال أبو حنيفة والشافعي: ليس ذلك له.
وسبب اختلافهم:
هو الاحتمال الذي في قوله تعالى: {إِلاَّ أَنْ يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ} وذلك في لفظة يعفو فإنها تقال في كلام العرب مرة بمعنى يسقط ومرة بمعنى يهب وفي قوله " الذي بيده عقدة النكاح" على من يعود هذا الضمير هل على الولي أو على الزوج فمن قال على الزوج جعل " يعفو" بمعنى يهب ومن قال على الولي جعل" يعفو" بمعنى يسقط وشذ قوم فقالوا: لكل ولي أن يعفو عن نصف الصداق الواجب للمرأة ويشبه أن يكون هذان الاحتمالان اللذان في الآية على السواء لكن من جعله الزوج فلم يوجب حكما زائدا في الآية: أي شرعا زائدا لأن جواز ذلك معلوم من ضرورة الشرع.
ومن جعله الولي إما الأب وإما غيره فقد زاد شرعا فلذلك يجب عليه أن يأتي بدليل يبين به أن الآية أظهر في الولي منها في الزوج وذلك شيء يعسر والجمهور على أن المرأة الصغيرة والمحجورة ليس لها أن تهب من صداقها النصف الواجب لها وشذ قوم فقالوا: يجوز أن تهب مصيرا لعموم قوله تعالى: { إِلاَّ أَنْ يَعْفُونَ } واختلفوا من هذا الباب في المرأة إذا وهبت صداقها لزوجها ثم طلقت قبل الدخول فقال مالك: ليس يرجع عليها بشيء وقال الشافعي: يرجع عليها بنصف الصداق.

الصفحة 25