كتاب بداية المجتهد - ط الحلبي (اسم الجزء: 2)

وسبب الخلاف:
هل النصف الواجب للزوج بالطلاق هو في عين الصداق أو في ذمة المرأة؟ فمن قال في عين الصداق قال: لا يرجع عليها بشيء لأنه قبض الصداق كله ومن قال هو في ذمة المرأة قال: يرجع وإن وهبته له كما لو وهبت له غير ذلك من مالها: وفرق أبو حنيفة في هذه المسألة بين القبض ولا قبض.
فقال: إن قبضت فله النصف وإن لم تقبض حتى وهبت فليس له شيء كأنه رأى أن الحق في العين ما لم تقبض فإذا قبضت صار في الذمة.
(الموضع الرابع: في التفويض) وأجمعوا على أن نكاح التفويض جائز وهو أن يعقد النكاح دون صداق لقوله تعالى: {لاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً}.
واختلفوا من ذلك في موضعين: أحدهما: إذا طلبت الزوجة فرض الصداق واختلفا في القدر.
الموضع الثاني: إذا مات الزوج ولم يفرض هل لها صداق أم لا؟
(فأما المسألة الأولى) وهي إذا قامت المرأة تطلب أن يفرض لها مهرا فقالت طائفة: يفرض لها مهر مثلها وليس للزوج في ذلك خيار فإن طلق بعد الحكم فمن هؤلاء من قال: لها نصف الصداق ومنهم من قال: ليس لها شيء لأن أصل الفرض لم يكن في عقدة النكاح وهو قول أبي حنيفة وأصحابه وقال مالك وأصحابه: الزوج بين خيارات ثلاث: إما أن يطلق ولا يفرض وإما أن يفرض ما تطلبه المرأة به وإما أن يفرض صداق المثل ويلزمها.
وسبب اختلافهم:
أعني بين من يوجب مهر المثل خيار للزوج إذا طلق بعد طلبها الفرض ومن لا يوجب اختلافهم في مفهوم قوله تعالى { لاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً } هل هذا محمول على العموم في سقوط الصداق سواء كان سبب الطلاق اختلافهم في فرض الصداق أو لم يكن الطلاق سببه الخلاف في ذلك وأيضا فهل يفهم من رفع الجناح عن ذلك سقوط المهر في كل حال أو لا يفهم ذلك؟ فيه احتمال وإن كان الأظهر سقوطه في كل حال لقوله تعالى: {وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ} ولا خلاف أعلمه في أنه إذا طلق ابتداء أنه ليس عليه شيء.
وقد كان يجب على من أوجب

الصفحة 26