كتاب بداية المجتهد - ط الحلبي (اسم الجزء: 2)
وأما خطبة النكاح المروية عن النبي صلى الله عليه وسلم فقال الجمهور: إنها ليست واجبة وقال داود: هي واجبة.
وسبب الخلاف:
هل يحمل فعله في ذلك عليه الصلاة والسلام على الوجوب أو على الندب فأما الخطبة على الخطبة فإن النهي في ذلك ثابت عن النبي عليه الصلاة والسلام.
واختلفوا هل يدل ذلك على فساد النهي عنه أو لا يدل وإن كان يدل ففي أي حالة يدل فقال داود: يفسخ وقال الشافعي وأبو حنيفة: لا يفسخ وعن مالك القولان جميعا وثالث وهو أن يفسخ قبل الدخول ولا يفسخ بعده وقال ابن القاسم: إنما معنى النهي إذا خطب رجل صالح على خطبة رجل صالح وأما إن كان الأول صالح والثاني صالح جاز.
وأما الوقت عند الأكثر فهو إذا ركن بعضهم إلى بعض لا في أول الخطبة بدليل حديث فاطمة بنت قيس" حيث جاءت إلى النبي صلى الله عليه وسلم فذكرت له أن أبا جهم بن حذيفة ومعاوية بن أبي سفيان خطباها فقال: "أما أبو جهم فرجل لا يرفع عصاه عن النساء وأما معاوية فصعلوك لا مال له ولكن انكحي أسامة".
وأما النظر إلى المرأة عند الخطبة فأجاز ذلك مالك إلى الوجه والكفين فقط وأجاز ذلك غيره إلى جميع البدن عدا السوأتين.
ومنع ذلك قوم على الإطلاق وأجاز أبو حنيفة النظر إلى القدمين مع الوجه والكفين.
والسبب في اختلافهم:
أنه ورد الأمر بالنظر إليهن مطلقا وورد بالمنع مطلقا وورد مقيدا أعني بالوجه والكفين على ما قاله كثير من العلماء في قوله تعالى :{وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا} إنه الوجه والكفان وقياسا على جواز كشفهما في الحج عند الأكثر ومن منع تمسك بالأصل وهو تحريم النظر إلى النساء.
الفصل الثاني في موجبات صحة النكاح
وهذا الباب ينقسم إلى ثلاثة أركان:
الركن الأول: في معرفة كيفية هذا العقد.
الركن الثاني: في معرفة محل هذا العقد.
الثالث: في معرفة شروط هذا العقد.
الصفحة 3
496