كتاب بداية المجتهد - ط الحلبي (اسم الجزء: 2)

فأما إذا اختلفا في القدر فقالت المرأة مثلا بمائتين وقال الزوج بمائة فإن الفقهاء اختلفوا في ذلك اختلافا كثيرا فقال مالك: إنه إن كان الاختلاف قبل الدخول وأتى الزوج بما يشبه والمرأة بما يشبه أنهما يتحالفان ويتفاسخان وإن حلف أحدهما ونكل الآخر كان القول قول الحالف وإن نكلا جميعا كان بمنزلة ما إذا حلفا جميعا ومن أتى بما يشبه منهما كان القول قوله وإن كان الاختلاف بعد الدخول فالقول قول الزوج.
وقالت طائفة: القول قول الزوج مع يمينه وبه قال أبو ثور وابن أبي ليلى وابن شبرمة وجماعة وقالت طائفة: القول قول الزوجة إلى مهر مثلها وقول الزوج فيما زاد على مهر مثلها.
وقالت طائفة: إذا اختلفا تحالفا ورجع إلى مهر المثل ولم تر الفسخ كمالك وهو مذهب الشافعي والثوري وجماعة وقد قيل إنها ترد إلى صداق المثل دون يمين ما لم يكن صداق المثل أكثر مما ادعت وأقل مما ادعى هو.
واختلافهم مبني على اختلافهم في مفهوم قوله عليه الصلاة والسلام: "البينة على من ادعى واليمين على من أنكر" هل ذلك معلل أو غير معلل؟ فمن قال معلل قال: يحلف أبدا أقواهما شبهة فإن استويا تحالفا وتفاسخا ومن قال غير معلل قال: يحلف الزوج لأنها تقر له بالنكاح وجنس الصداق وتدعي عليه قدرا زائدا فهو مدعى عليه وقيل أيضا يتحالفان أبدا لأن كل واحد منهما مدعى عليه وذلك عند من لم يراع الأشباه.
والخلاف في ذلك في المذهب ومن قال القول قولها إلى مهر المثل والقول قوله فيما زاد على مهر المثل رأى أنهما لا يستويان أبدا في الدعوى بل يكون أحدهما ولا بد أقوى شبهة وذلك أنه لا يخلو دعواها من أن يكون فيما يعادل صداق مثلها فما دونه فيكون القول قولها أو يكون فيما فوق ذلك فيكون القول قوله.
وسبب اختلاف مالك والشافعي في التفاسخ بعد التحالف والرجوع إلى صداق المثل هو هل يشبه النكاح بالبيع في ذلك أم ليس يشبه؟ فمن قال يشبه به قال بالتفاسخ ومن قال لا يشبه لأن الصداق ليس من شرط صحة العقد قال: بصداق المثل بعد التحالف.
وكذلك من زعم من أصحاب مالك أنه لا يجوز لهما بعد التحالف أن يتراضيا على شيء ولا أن يرجع أحدهما إلى قول الآخر ويرضى به فهو في غاية الضعف.
ومن ذهب إلى هذا فإنما يشبه باللعان.
وهو تشبيه ضعيف

الصفحة 30