وخالفهم في ذلك ابن أبي ليلى والشافعي في أحد قوليه فلم يوجب في النظر شيئا.
وأوجب في اللمس.
ومبنى الخلاف هل المفهوم من اشتراط الدخول في قوله تعالى :{ اللاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ} الوطء أو التلذذ بما دون الوطء؟ فإن كان التلذذ فهل يدخل فيه النظر أم لا؟
(المسألة الثالثة) وأما الأم فذهب الجمهور من كافة فقهاء الأمصار إلى أنها تحرم بالعقد على البنت دخل بها أو لم يدخل وذهب قوم إلى أن الأم لا تحرم إلا بالدخول على البنت كالحال في البنت: أعني أنها لا تحرم إلا بالدخول على الأم وهو مروي عن علي وابن عباس رضي الله عنهما من طرق ضعيفة.
ومبنى الخلاف هل الشرط في قوله تعالى: {اللاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ} يعود إلى أقرب مذكور وهم الربائب فقط أو إلى الربائب والأمهات المذكورات قبل الربائب في قوله تعالى: {وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ وَرَبَائِبُكُمُ اللاَّتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللاَّتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ} فإنه يحتمل أن يكون قوله تعالى: { اللاَّتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ } يعود على الأمهات والبنات ويحتمل أن يعود إلى أقرب مذكور وهم البنات.
ومن الحجة للجمهور ما روى المثنى بن الصباح عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن النبي عليه الصلاة والسلام قال " أيما رجل نكح امرأة فدخل بها أو لم يدخل فلا تحل له أمها ".
(وأما المسألة الرابعة) فاختلفوا في الزنا هل يوجب من التحريم في هؤلاء ما يوجب الوطء في نكاح صحيح أو بشبهة أعني الذي يدرأ فيه الحد فقال الشافعي: الزنا بالمرأة لا يحرم نكاح أمها ولا ابنتها ولا نكاح أبي الزاني لها ولا ابنه.
وقال أبو حنيفة والثوري والأوزاعي: يحرم الزنا ما يحرم النكاح وأما مالك ففي الموطأ عنه مثل قول الشافعي أنه لا يحرم وروى عنه ابن القاسم مثل قول أبي حنيفة أنه يحرم وقال سحنون: أصحاب مالك يخالفون ابن القاسم فيها ويذهبون إلى ما في الموطأ وقد روي عن الليث أن الوطء بشبهة لا يحرم وهو شاذ.
وسبب الخلاف:
الاشتراك في اسم النكاح: أعني في دلالته على المعنى الشرعي واللغوي فمن راعى الدلالة اللغوية في قوله تعالى: {وَلا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ} قال يحرم الزنا ومن راعى الدلالة الشرعية قال: لا يحرم الزنا.