ومن علل هذا الحكم بالحرمة التي بين الأم والبنت وبين الأب والابن قال: يحرم الزنا أيضا ومن شبهه بالنسب قال: لا يحرم لإجماع الأكثر على أن النسب لا يلحق بالزنا.
واتفقوا فيما حكى ابن المنذر على أن الوطء بملك اليمين يحرم منه ما يحرم الوطء بالنكاح.
واختلفوا في تأثير المباشرة في ملك اليمين كما اختلفوا في النكاح.
الفصل الثالث في مانع الرضاع
واتفقوا على أن الرضاع بالجملة يحرم منه ما يحرم منه النسب: أعني أن المرضعة تنزل منزلة الأم فتحرم على المرضع هي وكل من يحرم على الابن من قبل أم النسب واختلفوا من ذلك في مسائل كثيرة القواعد منها تسع: إحداها: في مقدار المحرم من اللبن.
والثانية في سن الرضاع.
والثالثة في حال المرضع في ذلك الوقت عند من يشترط للرضاع المحرم وقتا خاصاً.
والرابعة: هل يعتبر فيه وصوله برضاع والتقام الثدي أو لا يعتبر.
والخامسة: هل يعتبر فيه المخالطة أم لا يعتبر.
والسادسة: هل يعتبر فيه الوصول من الحلق أو لا يعتبر.
والسابعة:هل ينزل صاحب اللبن: أعني الزوج من المرضع منزلة أب وهو الذي يسمونه لبن الفحل أم ليس ينزل منه بمنزلة أب.
والثامنة: الشهادة على الرضاع.
والتاسعة: صفة المرضعة.
(المسألة الأولى) أما مقدار المحرم من اللبن فإن قوما قالوا فيه بعدم التحديد وهو مذهب مالك وأصحابه وروي عن علي وابن مسعود وهو قول ابن عمر وابن عباس وهؤلاء يحرم عندهم أي قدر كان وبه قال أبو حنيفة وأصحابه والثوري والأوزاعي وقالت طائفة: بتحديد القدر المحرم وهؤلاء انقسموا إلى ثلاث فرق فقالت طائفة: لا تحرم المصة ولا المصتان وتحرم الثلاث رضعات فما فوقها وبه قال أبو عبيد وأبو ثور وقالت طائفة: المحرم خمس رضعات وبه قال الشافعي وقالت طائفة: عشر رضعات.
والسبب في اختلافهم:
في هذه المسألة معارضة عموم الكتاب للأحاديث الواردة في التحديد ومعارضة الأحاديث في ذلك بعضها بعضا.
فأما عموم الكتاب فقوله تعالى: {وَأُمَّهَاتُكُمُ اللاَّتِي أَرْضَعْنَكُمْ} الآية وهذا يقتضي ما ينطلق عليه اسم الإرضاع والأحاديث المتعارضة في ذلك راجعة إلى حديثين في المعنى: