أحدهما: حديث عائشة وما في معناه أنه قال عليه الصلاة والسلام " لا تحرم المصة ولا المصتان ولا الرضعة والرضعتان " خرجه مسلم من طريق عائشة ومن طريق أم الفضل ومن طريق ثالث وفيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " لا تحرم الإملاجة ولا الإملاجتان " والحديث الثاني حديث سهلة في سالم أنه قال لها النبي صلى الله عليه وسلم " أرضعيه خمس رضعات " وحديث عائشة في هذا المعنى أيضا قالت " كان فيما نزل من القرآن عشر رضعات معلومات ثم نسخن بخمس معلومات فتوفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهن مما يقرأ من القرآن " فمن رجح ظاهر القرآن على هذه الأحاديث قال: تحرم المصة والمصتان.
ومن جعل الأحاديث مفسرة للآية وجمع بينها وبين الآية ورجح مفهوم دليل الخطاب في قوله عليه الصلاة والسلام: "لا تحرم المصة ولا المصتان " على مفهوم دليل الخطاب في حديث سالم قال: الثلاثة فما فوقها هي التي تحرم وذلك أن دليل الخطاب في قوله " لا تحرم المصة ولا المصتان " يقتضي أن ما فوقها يحرم ودليل الخطاب في قوله " أرضعيه خمس رضعات " يقتضي أن ما دونها لا يحرم والنظر في ترجيح أحد دليلي الخطاب.
(المسألة الثانية) واتفقوا على أن الرضاع يحرم في الحولين.
واختلفوا في رضاع الكبير فقال مالك وأبو حنيفة والشافعي وكافة الفقهاء: لا يحرم رضاع الكبير وذهب داود وأهل الظاهر إلى أنه يحرم وهو مذهب عائشة ومذهب الجمهور هو مذهب ابن مسعود وابن عمر وأبي هريرة وابن عباس وسائر أزواج النبي عليه الصلاة والسلام.
وسبب اختلافهم:
تعارض الآثار في ذلك وذلك أنه ورد في ذلك حديثان: أحدهما حديث سالم وقد تقدم.
والثاني حديث عائشة خرجه البخاري ومسلم قالت " دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم وعندي رجل فاشتد ذلك عليه ورأيت الغضب في وجهه فقلت: يا رسول الله إنه أخي من الرضاعة فقال عليه الصلاة والسلام انظرن من إخوانكن من الرضاعة فإن الرضاعة من المجاعة ".
فمن ذهب إلى ترجيح هذا الحديث قال: لا يحرم اللبن الذي لا يقوم للمرضع مقام الغذاء إلا أن حديث سالم نازلة في عين وكان سائر أزواج النبي صلى الله عليه وسلم يرون ذلك رخصة لسالم ومن رجح حديث سالم وعلل حديث عائشة بأنها لم تعمل به قال: يحرم رضاع الكبير.