كتاب بداية المجتهد - ط الحلبي (اسم الجزء: 2)

(المسألة الثالثة) واختلفوا إذا استغنى المولود بالغذاء قبل الحولين وفطم ثم أرضعته امرأة فقال مالك: لا يحرم ذلك الرضاع وقال أبو حنيفة والشافعي: تثبت الحرمة به.
وسبب اختلافهم:
اختلافهم في مفهوم قوله عليه الصلاة والسلام "فإنما الرضاعة من المجاعة" فإنه يحتمل أن يريد بذلك الرضاع الذي يكون في سن المجاعة كيفما كان الطفل وهو سن الرضاع ويحتمل أن يريد إذا كان الطفل غير مفطوم فإن فطم في بعض الحولين لم يكن رضاعا من المجاعة فالاختلاف آيل إلى أن الرضاع الذي سببه المجاعة والافتقار إلى اللبن هل يعتبر فيه الافتقار الطبيعي للأطفال وهو الافتقار الذي سببه سن الرضاع أو افتقار المرضع نفسه وهو الذي يرتفع بالفطم ولكنه موجود بالطبع والقائلون بتأثير الإرضاع في مدة الرضاع سواء من اشترط منهم الفطام أو لم يشترطه اختلفوا في هذه المدة فقال هذه بالمدة حولان فقط.
وبه قال زفر واستحسن مالك التحريم في الزيادة اليسيرة على العامين وفي قول الشهر عنه.
وفي قول عنه إلى ثلاثة أشهر وقال أبو حنيفة: حولان وستة شهور.
وسبب اختلافهم:
ما يظن من معارضة آية الرضاع لحديث عائشة المتقدم وذلك أن قوله تعالى: {وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ} يوهم أن ما زاد على هذين الحولين ليس هو رضاع مجاعة من اللبن وقوله عليه الصلاة والسلام: "إنما الرضاعة من المجاعة " يقتضي عمومه أن ما دام الطفل غذاؤه اللبن أن ذلك الرضاع يحرم.
(المسألة الرابعة) وأما هل يحرم الوجور واللدود وبالجملة ما يصل إلى الحلق من غير رضاع فإن مالكا قال: يحرم الوجور واللدود وقال عطاء وداود: لا يحرم.
وسبب اختلافهم:
هل المعتبر وصول اللبن كيفما وصل إلى الجوف أو وصوله على الجهة المعتادة فمن راعى وصوله على الجهة المعتادة؟ وهو الذي ينطلق عليه اسم الرضاع قال: لا يحرم الوجور ولا اللدود ومن راعى وصول اللبن إلى الجوف كيفما وصل قال: يحرم.

الصفحة 37