كتاب بداية المجتهد - ط الحلبي (اسم الجزء: 2)

من الولادة " إنما ورد على جهة التأصيل لحكم الرضاع إذ لا يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة قال: ذلك الحديث إن عمل بمقتضاه أوجب أن يكون ناسخا لهذه الأصول لأن الزيادة المغيرة للحكم ناسخة مع أن عائشة لم يكن مذهبها التحريم بلبن الفحل وهي الرواية للحديث ويصعب رد الأصول المنتشرة التي يقصد بها التأصيل والبيان عند وقت الحاجة بالأحاديث النادرة وبخاصة التي تكون في عين ولذلك قال عمر رضي الله عنه في حديث فاطمة بنت قيس: لا نترك كتاب الله لحديث امرأة.
(المسألة الثامنة) وأما الشهادة على الرضاع فإن قوما قالوا: لا تقبل فيه إلا شهادة امرأتين وقوما قالوا: لا تقبل فيه إلا شهادة أربع وبه قال الشافعي وعطاء وقوم قالوا: تقبل فيه شهادة امرأة واحدة.
والذين قالوا تقبل فيه شهادة امرأتين منهم من اشترط في ذلك فشو قولهما بذلك قبل الشهادة وهو مذهب مالك وابن القاسم ومنهم من لم يشترطه وهو قول مطرف وابن الماجشون. والذين أجازوا أيضا شهادة امرأة واحدة منهم من لم يشترط فشو قولها قبل الشهادة وهو مذهب أبي حنيفة ومنهم من اشترط ذلك وهي رواية عن مالك وقد روي عنه أنه لا تجوز فيه شهادة أقل من اثنتين.
والسبب في اختلافهم:
أما بين الأربع والاثنتين فاختلافهم في شهادة النساء هل عديل كل رجل هو امرأتان فيما ليس يمكن فيه شهادة الرجل أو يكفي في ذلك امرأتان وستأتي هذه المسألة في كتاب الشهادات إن شاء الله تعالى.
وأما اختلافهم في قبول شهادة المرأة الواحدة فمخالفة الأثر الوارد في ذلك للأصل المجمع عليه أعني أنه لا يقبل من الرجال أقل من اثنين وأن حال النساء في ذلك إما أن يكون أضعف من حال الرجال وإما أن تكون أحوالهم في ذلك مساوية للرجال والإجماع منعقد على أنه لا يقضى بشهادة واحدة.
والأمر الوارد في ذلك هو حديث عقبة بن الحارث قال " يا رسول الله إني تزوجت امرأة فأتت امرأة فقالت: قد أرضعتكما فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كيف وقد قيل دعها عنك " وحمل بعضهم هذا الحديث على الندب جمعا بينه وبين الأصول وهو أشبه وهي رواية عن مالك.
(المسألة التاسعة) وأما صفة المرضعة فإنهم اتفقوا على أنه يحرم لبن كل أمرأة

الصفحة 39