كتاب بداية المجتهد - ط الحلبي (اسم الجزء: 2)

واختلفوا في اختلاف البنات مع البنين في العفو أو القصاص.
وكذلك الزوجة أو الزوج والأخوات فقال مالك ليس للبنات ولا الأخوات قول مع البنين والإخوة في القصاص أو ضده ولا يعتبر قولهن مع الرجال وكذلك الأمر في الزوجة والزوج وقال أبو حنيفة والثوري وأحمد والشافعي كل وارث يعتبر قوله في إسقاط القصاص وفي إسقاط حظه من الدية وفي الأخذ به قال الشافعي الغائب منهم والحاضر والصغير والكبير سواء وعمدة هؤلاء اعتبارهم الدم بالدية وعمدة الفريق الأول أن الولاية إنما هي للذكران دون الإناث واختلف العلماء في المقتول عمدا إذا عفا عن دمه قبل أن يموت هل ذلك جائز على الأولياء وكذلك في المقتول خطأ إذا عفا عن الدية فقال قوم إذا عفا المقتول عن دمه في العمد مضى ذلك وممن قال بذلك مالك وأبو حنيفة والأوزاعي وهذا أحد قولي الشافعي وقالت طائفة أخرى لا يلزم عفوه وللأولياء القصاص أو العفو وممن قال به أبو ثور وداود وهو قول الشافعي بالعراق وعمدة هذه الطائفة أن الله خير الولي في ثلاث إما العفو وإما القصاص وإما الدية وذلك عام في كل مقتول سواء عفا عن دمه قبل الموت أو لم يعف وعمدة الجمهور أن الشيء الذي جعل للولي إنما هو حق المقتول فناب فيه منابه وأقيم مقامه فكان المقتول أحق بالخيار من الذي أقيم مقامه بعد موته وقد أجمع العلماء على أن قوله تعالى :{فَمَنْ تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ} أن المراد بالمتصدق ههنا هو المقتول يتصدق بدمه وإنما اختلفوا على من يعود الضمير في قوله {فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ} فقيل على القاتل لمن رأى له توبة وقيل على المقتول من ذنوبه وخطاياه.
وأما اختلافهم في عفو المقتول خطأ عن الدية فقال مالك والشافعي وأبو حنيفة وجمهور فقهاء الأمصار إن عفوه من ذلك في ثلثه إلا أن يجيزه الورثة وقال قوم يجوز في جميع ماله.
وممن قال به طاوس والحسن.
وعمدة الجمهور أنه واهب مالا له بعد موته فلم يجز إلا في الثلث.
أصله الوصية.
وعمدة الفرقة الثانية أنه إذا كان له أن يعفو عن الدم فهو أحرى أن يعفو عن المال وهذه المسألة هي أخص بكتاب الديات.
واختلف العلماء إذا عفا المجروح عن الجراحات فمات منها هل للأولياء أن يطالبوا بدمه أم لا فقال مالك لهم

الصفحة 403