كتاب بداية المجتهد - ط الحلبي (اسم الجزء: 2)

ذلك إلا أن يقول عفوت عن الجراحات وعما تؤول إليه.
وقال أبو يوسف ومحمد إذا عفا عن الجراحة ومات فلا حق لهم.
والعفو عن الجراحات عفو عن الدم.
وقال قوم بل تلزمهم الدية إذا عفا عن الجراحات مطلقا وهؤلاء اختلفوا فمنهم من قال تلزم الجارح الدية كلها واختاره المزني من أقوال الشافعي.
ومنهم من قال يلزم من الدية ما بقي منها بعد إسقاط دية الجرح الذي عفا عنه.
وهو قول الثوري.
وأما من يرى أنه لا يعفو عن الدم فليس يتصور معه خلاف في أنه.
لا يسقط ذلك طلب الولي الدية لأنه إذا كان عفوه عن الدم لا يسقط حق الولي فأحرى أن لا يسقط عفوه عن الجرح.
واختلفوا في القاتل عمدا يعفى عنه هل يبقى للسلطان فيه حق أم لا فقال مالك والليث إنه يجلد مائة ويسجن سنة.
وبه قال أهل المدينة وروي ذلك عن عمر وقالت طائفة الشافعي وأحمد وإسحاق وأبو ثور لا يجب عليه ذلك.
وقال أبو ثور إلا أن يكون يعرف بالشر فيؤدبه الإمام على قدر ما يرى.
ولا عمدة الطائفة الأولى إلا أثر ضعيف.
وعمدة الطائفة الثانية ظاهر الشرع وأن التحديد في ذلك لا يكون إلا بتوقيف ولا توقيف ثابت في ذلك.
القول في القصاص
والنظر في القصاص هو في صفة القصاص وممن يكون ومتى يكون فأما صفة القصاص في النفس فإن العلماء اختلفوا في ذلك فمنهم من قال يقتص من القاتل على الصفة التي قتل فمن قتل تغريقا قتل تغريقا ومن قتل بضرب بحجر قتل بمثل ذلك وبه قال مالك والشافعي قالوا إلا أن يطول تعذيبه بذلك فيكون السيف له أروح.
واختلف أصحاب مالك فيمن حرق آخر هل يحرق مع موافقتهم لمالك في احتذاء صورة القتل وكذلك فيمن قتل بالسهم وقال أبو حنيفة وأصحابه بأي وجه قتله لم يقتل إلا بالسيف وعمدتهم ما روى الحسن عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال :" لا قود إلا بحديدة:.
وعمدة الفريق الأول حديث أنس "أن يهوديا رضخ رأس امرأة بحجر فرضخ النبي صلى الله عليه وسلم رأسه بحجر أو قال بين حجرين: وقوله :{كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى} والقصاص يقتضي المماثلة.

الصفحة 404