كتاب بداية المجتهد - ط الحلبي (اسم الجزء: 2)

مثل أن يفقأ أعمى عين بصير.
واختلف من هذا في الأعور يفقأ عين الصحيح عمدا فقال الجمهور إن أحب الصحيح أن يستقيد منه فله القود واختلفوا إذا عفا عن القود فقال قوم إن أحب فله الدية كاملة ألف دينار وهو مذهب مالك وقيل ليس له إلا نصف الدية وبه قال الشافعي وهو أيضا منقول عن مالك وبقول الشافعي قال ابن القاسم وبالقول الآخر قال المغيرة من أصحابه وابن دينار.
وقال الكوفيون ليس للصحيح الذي فقئت عينه إلا القود أو ما اصطلحا عليه وقد قيل لا يستقيد من الأعور وعليه الدية كاملة روي هذا عن ابن المسيب وعن عثمان وعمدة صاحب هذا القول أن عين الأعور بمنزلة.
عينين فمن فقأها في واحدة فكأنه اقتص من اثنين في واحدة وإلى نحو هذا ذهب من رأى أنه إذا ترك القود أن له دية كاملة ويلزم حامل هذا القول أن لا يستقيد ضرورة ومن قال بالقود وجعل الدية نصف الدية فهو أحرز لأصله فتأمله فإنه بين بنفسه والله أعلم.
وأما هل المجروح مخير بين القصاص وأخذ الدية أم ليس له إلا القصاص فقط إلا أن يصطلحا على أخذ الدية ففيه القولان عن مالك مثل القولين في القتل وكذلك أحد قولي مالك في الأعور يفقأ عين الصحيح أن الصحيح يخير بين أن يفقأ عين الأعور أو يأخذ الدية ألف دينار أو خمسمائة على الاختلاف في ذلك.
وأما متى يستقاد من الجرح فعند مالك أنه لا يستقاد من جرح إلا بعد اندماله وعند الشافعي على الفور فالشافعي تمسك بالظاهر.
ومالك رأى أن يعتبر ما يؤول إليه أمر الجرح مخافة أن يفضي إلى إتلاف النفس.
واختلف العلماء في المقتص من الجرح يموت المقتص منه من ذلك الجرح فقال مالك والشافعي وأبو يوسف ومحمد لا شيء على المقتص وروي عن علي وعمر مثل ذلك وبه قال أحمد وأبو ثور وداود وقال أبو حنيفة والثوري وابن أبي ليلى وجماعة إذا مات وجب على عاقلة المقتص الدية وقال بعضهم هي في ماله.
وقال عثمان البتي يسقط عنه من الدية قدر الجراحة التي اقتص منها وهو قول ابن مسعود.
فعمدة الفريق الأول إجماعهم على أن السارق إذا مات من قطع يده أنه لا شيء على الذي قطع يده.
وعمدة أبي حنيفة أنه قتل خطأ وجبت فيه الدية ولا يقاد عند مالك في الحر الشديد ولا البرد الشديد ويؤخر

الصفحة 408