كتاب بداية المجتهد - ط الحلبي (اسم الجزء: 2)

وفي أربعة عشرون وبه قال مالك وأصحابه والليث بن سعد ورواه مالك عن سعيد بن المسيب وعن عروة بن الزبير وهو قول زيد بن ثابت ومذهب عمر بن عبد العزيز.
وقالت طائفة بل دية جراحة المرأة مثل دية جراحة الرجل إلى الموضحة ثم تكون ديتها على النصف من دية الرجل وهو الأشهر من قولي ابن مسعود.
وهو مروي عن عثمان وبه قال شريح وجماعة وقال قوم بل دية المرأة في جراحها وأطرافها على النصف من دية الرجل في قليل ذلك وكثيره وهو قول علي رضي الله عنه وروي ذلك عن ابن مسعود إلا أن الأشهر عنه ما ذكرناه أولا.
وبهذا القول قال أبو حنيفة والشافعي والثوري.
وعمدة قائل هذا القول أن الأصل هو أن دية المرأة نصف دية الرجل فواجب التمسك بهذا الأصل حتى يأتي دليل من السماع الثابت إذ القياس في الديات لا يجوز وبخاصة لكون القول بالفرق بين القليل والكثير مخالفا للقياس ولذلك قال ربيعة لسعيد ما يأتي ذكره عنه ولا اعتماد للطائفة الأولى إلا مراسيل وما روي عن سعيد بن المسيب حين سأله ربيعة بن أبي عبد الرحمن كم في أربع من أصابعها قال عشرون قلت حين عظم جرحها واشتدت بليتها نقص عقلها قال أعراقي أنت قلت بل عالم متثبت أو جاهل متعلم قال هي السنة.
وروي أيضا عن النبي عليه الصلاة والسلام من مرسل عمرو بن شعيب عن أبيه وعكرمة.
وقد رأى قوم أن قول الصحابي إذا خالف القياس وجب العمل به لأنه يعلم أنه لم يترك القول به إلا عن توقيف لكن في هذا ضعف إذ كان يمكن أن يترك القول به إما لأنه لا يرى القياس وإما لأنه عارضه في ذلك قياس ثان أو قلد في ذلك غيره فهذه حال ديات جراح الأحرار والجنابات على أعضائها الذكور منها والإناث.
وأما جراح العبيد وقطع أعضائهم فإن العلماء اختلفوا فيها على قولين فمنهم من رأى أن في جراحهم وقطع أعضائهم ما نقص من ثمن العبد ومنهم من رأى أن الواجب في ذلك من قيمته قدر ما في ذلك الجرح من ديته فيكون في موضحته نصف عشر قيمته وفي عينه نصف قيمته وبه قال أبو حنيفة والشافعي وهو قول عمر وعلي وقال مالك يعتبر في ذلك كله ما نقص من ثمنه إلا موضحته ومنقلته ومأمومته ففيها من ثمنه قدره ما فيها في الحر من ديته.

الصفحة 426