لا يحل نكاح الأمة إلا بشرطين: أحدهما عدم الطول إلى الحرة والثاني خوف العنت.
وقوله تعالى: { وَأَنْكِحُوا الأَيَامَى مِنْكُمْ} يقتضي بعمومه إنكاحهن من حر أو عبد واجدا كان الحر أو غير واجد خائفا للعنت أو غير خائف لكن دليل الخطاب أقوى ههنا والله أعلم من العموم لأن هذا العموم لم يتعرض فيه إلى صفات الزوج المشترطة في نكاح الإماء وإنما المقصود به الأمر بإنكاحهن وألا يجبرن على النكاح وهو أيضا محمول على الندب عند الجمهور مع ما في ذلك من إرهاق الرجل ولده.
واختلفوا من هذا الباب في فرعين مشهورين أعني الذين لم يجيزوا النكاح إلا بالشرطين المنصوص عليهما: أحدهما إذا كانت تحته حرة هل هي طول أو ليست بطول؟ فقال أبو حنيفة: هي طول وقال غيره: ليست بطول وعن مالك في ذلك القولان.
والمسألة الثانية هل يجوز لمن وجد فيه هذان الشرطان نكاح أكثر من أمة واحدة ثلاث أو أربع أو ثنتان؟ فمن قال إذا كانت تحته حرة فليس يخاف العنت عزب قال: إذا كانت تحته حرة لم يجز له نكاح الأمة ومن قال خوف العنت إنما يعتبر بإطلاق سواء كان عزبا أو متأهلا لأنه قد لا تكون الزوجة الأولى مانعة من العنت وهو لا يقدر على حرة تمنعه من العنت فله أن ينكح أمة لأن حاله مع هذه الحرة في خوف العنت كحالة قبلها وبخاصة إذا خشي العنت من الأمة التي يريد نكاحها.
وهذا بعينه السبب في اختلافهم هل ينكح أمة ثانية على الأمة الأولى أو لا ينكحها؟ وذلك أن من اعتبر خوف العنت مع كونه عزبا إذ كان الخوف على العزب أكثر قال: لا ينكح أكثر من أمة واحدة ومن اعتبره مطلقا قال: ينكح أكثر من أمة واحدة وكذلك يقول إنه ينكح على الحرة.
واعتباره مطلقا فيه نظر وإذا قلنا إن له أن يتزوج على الحرة أمة فتزوجها بغير إذنها فهل لها الخيار في البقاء معه أو في فسخ النكاح؟ اختلف في ذلك قول مالك واختلفوا إذا وجد طولا بحرة هل يفارق الأمة أم لا؟ ولم يختلفوا أنه إذا ارتفع عنه خوف العنت أنه لا يفارقها.
أعني أصحاب مالك واتفقوا من هذا الباب على أنه لا يجوز أن تنكح المرأة من ملكته وإنها إذا ملكت زوجها انفسخ النكاح.