كتاب بداية المجتهد - ط الحلبي (اسم الجزء: 2)

البخاري عن سعيد بن عبيد الطائي عن بشير بن يسار أن رجلا من الأنصار يقال له سهل بن حثمة وفيه "فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم تأتون بالبينة على من قتله قالوا ما لنا بينة قال فيحلفون لكم قالوا ما نرضى بأيمان يهود وكره رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يبطل دمه فوداه بمائة بعير من إبل الصدقة" قال القاضي وهذا نص في أنه لا يستوجب بالأيمان الخمسين إلا دفع الدعوى فقط.
واحتجوا أيضا بما خرجه أبو داود أيضا عن أبي سلمة بن أبي عبد الرحمن وسليمان بن يسار عن رجال من كبراء الأنصار "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ليهود وبدأ بهم: أيحلف منكم خمسون رجلا خمسين يمينا فأبوا فقال للأنصار احلفوا فقالوا أنحلف على الغيب يا رسول الله فجعلها رسول الله صلى الله عليه وسلم دية على يهود" لأنه وجد بين أظهرهم وبهذا تمسك من جعل اليمين في حق المدعى عليه وألزمهم الغرم مع ذلك وهو حديث صحيح الإسناد لأنه رواه الثقات عن الزهري عن أبي سلمة وروى الكوفيون ذلك عن عمر أعني أنه قضى على المدعى عليهم باليمين والدية.
وخرج مثله أيضا من تبدئة اليهود بالأيمان عن رافع بن خديج واحتج هؤلاء القوم على مالك بما روي عن ابن شهاب الزهري عن سليمان بن يسار وعراك بن مالك أن عمر بن الخطاب قال للجهني الذي ادعى دم وليه على رجل من بني سعد وكان أجرى فرسه فوطئ على أصبع الجهني فنزى فيها فمات فقال عمر للذي ادعى عليهم أتحلفون بالله خمسين يمينا ما مات منها فأبوا أن يحلفوا وتحرجوا فقال للمدعين أحلفوا فأبوا فقضى عليهم بشطر الدية.
قالوا وأحاديثنا هذه أولى من التي روي فيها تبدئة المدعين بالأيمان لأن الأصل شاهد لأحاديثنا من أن اليمين على المدعى عليه.
قال أبو عمر والأحاديث المتعارضة في ذلك مشهورة.
(المسألة الرابعة) وهي موجب القسامة عند القائلين بها أجمع جمهور العلماء القائلون بها أنها لا تجب إلا بشبهة.
واختلفوا في الشبهة ما هي فقال الشافعي إذا كانت الشبهة في معنى الشبهة التي قضى بها رسول الله صلى الله عليه وسلم

الصفحة 430