بالقسامة وهو أن يوجد قتيل في محلة قوم لا يخالطهم غيرهم وبين أولئك القوم وبين قوم المقتول عداوة كما كانت العداوة بين الأنصار واليهود.
وكانت خيبر دار اليهود مختصة بهم ووجد فيها القتيل من الأنصار قال وكذلك لو وجد في ناحية قتيل وإلى جانبه رجل مختضب بالدم وكذلك لو دخل على نفر في بيت فوجد بينهم قتيلا وما أشبه هذه مما يغلب على ظن الحكام أن المدعي محق لقيام تلك الشبهة.
وقال مالك بنحو من هذا أعني أن القسامة لا تجب إلا بلوث والشاهد الواحد عنده إذا كان عدلا لوث باتفاق عند أصحابه واختلفوا إذا لم يكن عدلا.
وكذلك وافق الشافعي في قرينة الحال المخيلة مثل أن يوجد قتيل متشحطا بدمه وبقربه إنسان بيده حديدة مدماة إلا أن مالكا يرى أن وجود القتيل في المحلة ليس لوثا وإن كانت هنالك عداوة بين القوم الذين منهم القتيل وبين أهل المحلة وإذا كان ذلك كذلك لم يبق ههنا شيء يجب أن يكون أصلا لاشتراط اللوث في وجوبها ولذلك لم يقل بها قوم وقال أبو حنيفة وصاحباه إذا وجد قتيل في محلة قوم وبه أثر وجبت القسامة على أهل المحلة.
ومن أهل العلم من أوجب القسامة بنفس وجود القتيل في المحلة دون سائر الشرائط التي اشترط الشافعي ودون وجود الأثر بالقتيل الذي اشترطه أبو حنيفة وهو مروي عن عمر وعلي وابن مسعود وقال به الزهري وجماعة من التابعين وهو مذهب ابن حزم قال القسامة تجب متى وجد قتيل لا يعرف من قتله أينما وجد فادعى ولاة الدم على رجل وصله منهم خمسون رجلا خمسين يمينا فإن هم حلفوا على العمد فالقود وإن حلفوا على الخطأ فالدية وليس يحلف عنده أقل من خمسين رجلا وعند مالك رجلان فصاعدا من أولئك وقال داود لا أقضي بالقسامة إلا في مثل السبب الذي قضى به رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وانفرد مالك والليث من بين فقهاء الأمصار القائلين بالقسامة فجعلا قول المقتول فلان قتلني لوثا يوجب القسامة وكل قال بما غلب على ظنه أنه شبهة يوجب القسامة ولمكان الشبهة رأى تبدئة المدعين بالأيمان من رأى ذلك منهم فإن الشبه عند مالك تنقل اليمين من المدعى عليه إلى المدعي إذ سبب تعليق الشرع عنده اليمين بالمدعى عليه إنما هو لقوة شبهته فيما ينفيه عن نفسه وكأنه شبه ذلك