كتاب بداية المجتهد - ط الحلبي (اسم الجزء: 2)

كتاب في أحكام الزنى
...
بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم تسليما
كتاب في أحكام الزنا
والنظر في أصول هذا الكتاب في حد الزنا وفي أصناف الزناة وفي العقوبات لكل صنف صنف منهم وفيما تثبت به هذه الفاحشة.
الباب الأول في حد الزنا
فأما الزنا فهو كل وطء وقع على غير نكاح صحيح ولا شبهة نكاح ولا ملك يمين وهذا متفق عليه بالجملة من علماء الإسلام وإن كانوا اختلفوا فيما هو شبهة تدرأ الحدود مما ليس بشبهة دارئة وفي ذلك مسائل نذكر منها أشهرها فمنها الأمة يقع عليها الرجل وله فيها شرك فقال مالك يدرأ عنه الحد وإن ولدت ألحق الولد به وقومت عليه وبه قال أبو حنيفة وقال بعضهم يغزر وقال أبو ثور عليه الحد كاملا إذا علم الحرمة وحجة الجماعة قوله عليه الصلاة والسلام "ادرؤوا الحدود بالشبهات" والذين درؤوا الحدود اختلفوا هل يلزمه من صداق المثل بقدر نصيبه أم لا يلزم.
وسبب الخلاف:
هل ذلك الذي يغلب منها حكمه على الجزء الذي لا يملك أم حكم الذي لا يملك يغلب على حكم الذي يملك فإن حكم ما ملك الحلية وحكم ما لم يملك الحرمية.
ومنها اختلافهم في الرجل المجاهد يطأ جارية من المغنم فقال قوم عليه الحد ودرأ قوم عنه الحد وهو أشبه والسبب في هذه وفي التي قبلها واحد والله أعلم.
ومنها أن يحل رجل لرجل وطء خادمه فقال مالك يدرأ عنه الحد وقال غيره يعزر وقال بعض الناس بل هي هبة مقبوضة والرقبة تابعة للفرج.
ومنها الرجل يقع على جارية ابنه أو ابنته.
فقال الجمهور لا حد عليه لقوله عليه الصلاة والسلام لرجل خاطبه " أنت ومالك لأبيك" ولقوله عليه الصلاة والسلام "لا يقاد الوالد بالولد" ولإجماعهم على أنه لا يقطع فيما سرق من مال ولده ولذلك قالوا تقوم عليه حملت أم لم تحمل لأنها قد حرمت على ابنه فكأنه استهلكها.
ومن الحجة لهم أيضا إجماعهم على

الصفحة 433