كتاب بداية المجتهد - ط الحلبي (اسم الجزء: 2)

أما الإناث فإن العلماء أجمعوا على أن الأمة إذا تزوجت وزنت أن حدها خمسون جلدة لقوله تعالى :{ فَإِذَا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ } واختلفوا إذا لم تتزوج فقال جمهور فقهاء الأمصار حدها خمسون جلدة وقالت طائفة لا حد عليها وإنما عليها تعزير فقط وروي ذلك عن عمر بن الخطاب.
وقال قوم لا حد على الأمة أصلا.
والسبب في اختلافهم:
الاشتراك الذي في اسم الإحصان في قوله تعالى :{فَإِذَا أُحْصِنَّ} فمن فهم من الإحصان التزوج وقال بدليل الخطاب قال لا تجلد الغير متزوجة ومن فهم من الإحصان الإسلام جعله عاما في المتزوجة وغيرها.
واحتج من لم ير على غير المتزوجة حدا بحديث أبي هريرة وزيد بن خالد الجهني أن النبي عليه الصلاة السلام سئل عن الأمة إذا زنت ولم تحصن فقال :"إن زنت فاجلدوها ثم إن زنت فاجلدوها ثم بيعوها ولو بضفير".
وأما الذكر من العبيد ففقهاء الأمصار على أن حد العبد نصف حد الحر قياسا على الأمة وقال أهل الظاهر بل حده مائة جلدة مصيرا إلى عموم قوله تعالى :{فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ} ولم يخصص حرا من عبد ومن الناس من درأ الحد عنه قياسا على الأمة وهو شاذ وروي عن ابن عباس.
فهذا هو القول في أصناف الحدود وأصناف المحدودين والشرائط الموجبة للحد في واحد واحد منهم ويتعلق بهذا القول في كيفية الحدود وفي وقتها.
فأما كيفيتها فمن مشهور المسائل الواقعة في هذا الجنس اختلافهم في الحفر للمرجوم فقالت طائفة يحفر له وروي ذلك عن علي في شراحة الهمدانية حين أمر برجمها وبه قال أبو ثور وفيه فلما كان يوم الجمعة أخرجها فحفر لها حفرة فأدخلت فيها وأحدق الناس بها يرمونها فقال ليس هكذا الرجم إني أخاف أن يصيب بعضكم بعضا ولكن صفوا كما تصفون في الصلاة ثم قال الرجم رجمان رجم سر ورجم علانية فما كان منه فإقرار فأول من يرجم الإمام ثم الناس وما كان ببينة فأول من يرجم البينة ثم الإمام ثم
الناس.
وقال مالك وأبو حنيفة لا يحفر للمرجوم وخير في ذلك الشافعي وقيل عنه يحفر للمرأة فقط.
وعمدتهم ما خرج البخاري ومسلم من حديث جابر قال جابر فرجمناه بالمصلى فلما أذلقته

الصفحة 437