كتاب بداية المجتهد - ط الحلبي (اسم الجزء: 2)

مالك بالجملة هو كل شيء جرت العادة بحفظ ذلك الشيء المسروق فيه فمرابط الدواب عنده أحراز وكذلك الأوعية وما على الإنسان من اللباس فالإنسان حرز لكل ما عليه أو هو عنده.
وإذا توسد النائم شيئا فهو له حرز على ما جاء في حديث صفوان بن أمية وسيأتي بعد وما أخذه من المنتبه فهو اختلاس.
ولا يقطع عند مالك سارق ما كان على الصبي من الحلي أو غيره إلا أن يكون معه حافظ يحفظه ومن سرق من الكعبة شيئا لم يقطع عنده وكذلك من المساجد وقد قيل في المذهب إنه إن سرق منها ليلا قطع.
وفروع هذا الباب كثيرة فيما هو حرز وما ليس بحرز.
واتفق القائلون بالحرز على أن كل من سمي مخرجا للشيء من حرزه وجب عليه القطع وسواء أكان داخل الحرز أو خارجه.
وإذا ترددت التسمية وقع الخلاف مثل اختلاف المذهب إذا كانا سارقان أحدهما داخل البيت والآخر خارجه فقرب أحدهما المتاع المسروق إلى ثقب في البيت فتناوله الآخر فقيل القطع على الخارج المتناول له وقيل لا قطع على واحد منهما وقيل القطع على المقرب للمتاع من الثقب.
والخلاف في هذا كله آيل إلى انطلاق اسم المخرج من الحرز عليه أو لا انطلاقه.
فهذا هو القول في الحرز واشتراطه في وجوب القطع ومن رمى بالمسروق من الحرز ثم أخذه خارج الحرز قطع وقد توقف مالك فيه إذا أخذ بعد رميه وقبل أن يخرج وقال ابن القاسم يقطع.
( فصل) وأما جنس المسروق فإن العلماء اتفقوا على أن كل متملك غير ناطق يجوز بيعه وأخذ العوض منه فإنه يجب في سرقته القطع ما عدا الأشياء الرطبة المأكولة والأشياء التي أصلها مباحة فإنهم اختلفوا في ذلك فذهب الجمهور إلى أن القطع في كل متمول يجوز بيعه وأخذ العوض فيه وقال أبو حنيفة لا قطع في الطعام ولا فيما أصله مباح كالصيد والحطب والحشيش.
فعمدة الجمهور عموم الآية الموجبة للقطع وعموم الآثار الواردة في اشتراط النصاب.
وعمدة أبي حنيفة في منعه القطع في الطعام الرطب قوله عليه الصلاة والسلام "لا قطع في ثمر ولا كثر" وذلك أن هذا الحديث روي هكذا مطلقا من غير زيادة.
وعمدته أيضا في منع القطع فيما أصله مباح الشبهة التي فيه لكل مالك وذلك أنهم اتفقوا على أن من شرط المسروق الذي يجب فيه

الصفحة 450