كتاب بداية المجتهد - ط الحلبي (اسم الجزء: 2)

وأبو حنيفة يقف القطع في الرجل وإنما عليه في الثالثة الغرم فقط وقال مالك والشافعي إن سرق ثالثة قطعت يده اليسرى ثم إن سرق رابعة قطعت رجله اليمنى وكلا القولين مروي عن عمر وأبي بكر أعني قول مالك وأبي حنيفة.
فعمدة من لم ير إلا قطع اليد قوله تعالى :{ وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا } ولم يذكر الأرجل إلا في المحاربين فقط.
وعمدة من قطع الرجل بعد اليد ما روي "أن النبي صلى الله عليه وسلم أتي بعبد سرق فقطع يده اليمنى ثم الثانية فقطع رجله ثم أتي به في الثالثة فقطع يده اليسرى ثم أتي به في الرابعة فقطع رجله" وروي هذا عن حديث جابر بن عبد الله وفيه ثم أخذه الخامسة فقتله إلا أنه منكر عند أهل الحديث ويرده قوله عليه الصلاة والسلام "هن فواحش وفيهن عقوبة" ولم يذكر قتلا.
وحديث ابن عباس أن النبي عليه الصلاة والسلام قطع الرجل بعد اليد وعند مالك أنه يؤدب في الخامسة فإذا ذهب محل القطع سرقة بأن كانت اليد شلاء.
فقيل في المذهب ينتقل القطع إلى اليد اليسرى وقيل إلى الرجل.
واختلف في موضع القطع من القدم.
فقيل يقع من المفصل الذي في أصل الساق وقيل يدخل الكعبان في القطع وقيل لا يدخلان وقيل إنها تقطع من المفصل الذي في وسط القدم.
واتفقوا على أن لصاحب السرقة أن يعفو عن السارق ما لم يرفع ذلك إلى الإمام لما روي عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " تعافوا الحدود بينكم فما بلغني من حد فقد وجب" وقوله عليه الصلاة والسلام :" لو كانت فاطمة بنت محمد لأقمت عليها الحد" وقوله لصفوان: " هلا كان ذلك قبل أن تأتيني به؟."
واختلفوا في السارق يسرق ما يجب فيه القطع فيرفع إلى الإمام وقد وهبه صاحب السرقة ما سرقه أو يهبه له بعد الرفع وقبل القطع فقال مالك والشافعي عليه الحد لأنه قد رفع إلى الإمام وقال أبو حنيفة وطائفة لا حد عليه.
فعمدة الجمهور حديث مالك عن ابن شهاب عن صفوان بن عبد الله بن صفوان بن أمية أنه قيل له "إن من لم يهاجر هلك فقدم صفوان بن أمية إلى المدينة فنام في المسجد وتوسد ردائه

الصفحة 453