الباب الأول في النظر في الحرابة
فأما الحرابة فاتفقوا على أنها إشهار السلاح وقطع السبيل خارج المصر واختلفوا فيمن حارب داخل المصر فقال مالك داخل المصر وخارجه سواء واشترط الشافعي الشوكة وإن كان لم يشترط العدد وإنما معنى الشوكة عنده قوة المغالبة ولذلك يشترط فيها البعد
عن العمران لأن المغالبة إنما تتأتى بالبعد عن العمران وكذلك يقول الشافعي إنه إذا ضعف السلطان ووجدت المغالبة في المصر كانت محاربة أما غير ذلك فهو عنده اختلاس وقال أبو حنيفة لا تكون المحاربة في المصر.
الباب الثاني في النظر في المحارب
فأما المحارب فهو كل من كان دمه محقونا قبل الحرابة وهو المسلم والذمي.
الباب الثالث فيما يجب على المحارب
وأما ما يجب على المحارب فاتفقوا على أنه يجب عليه حق لله وحق للآدميين واتفقوا على أن حق الله هو القتل والصلب وقطع الأيدي وقطع الأرجل من خلاف والنفي على ما نص الله تعالى في آية الحرابة.
واختلفوا في هذه العقوبات هل هي على التخيير أو مرتبة على قدر جناية المحارب فقال مالك إن قتل فلا بد من قتله وليس للإمام تخيير في قطعه ولا في نفيه وإنما التخيير في قتله أو صلبه.
وأما إن أخذ المال ولم يقتل فلا تخيير في نفيه وإنما التخيير في قتله أو صلبه أو قطعه من خلاف.
وأما إذا أخاف السبيل فقط فالإمام عنده مخير في قتله أو صلبه أو قطعه أو نفيه.
ومعنى التخيير عنده أن الأمر راجع في ذلك إلى اجتهاد الإمام فإن كان المحارب ممن له الرأي والتدبير فوجه الاجتهاد قتله أو صلبه لأن القطع لا يرفع ضرره.
وإن كان لا رأي له وإنما هو ذو قوة وبأس قطعه من خلاف وإن كان ليس فيه شيء من هاتين الصفتين أخذ بأيسر ذلك فيه وهو الضرب والنفي.
وذهب الشافعي وأبو حنيفة وجماعة من العلماء إلى أن هذه العقوبة هي مرتبة على الجنايات المعلوم من الشرع ترتيبها