كتاب بداية المجتهد - ط الحلبي (اسم الجزء: 2)

أَنْفُسَكُمْ أَوِ اخْرُجُوا مِنْ دِيَارِكُمْ} الآية.
فسوى بين النفي والقتل.
وهي عقوبة معروفة بالعادة من العقوبات كالضرب والقتل وكل ما يقال فيه سوى هذا فليس معروفا لا بالعادة ولا بالعرف.
الباب الرابع في مسقط الواجب عنه من التوبة
وأما ما يسقط الحق الواجب عليه فإن الأصل فيه قوله تعالى :{ إِلاَّ الَّذِينَ تَابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ.}
واختلف من ذلك في أربعة مواضع أحدها هل تقبل توبته والثاني إن قبلت فما صفة المحارب الذي تقبل توبته فإن لأهل العلم في ذلك قولين قول إنه تقبل توبته وهو أشهر لقوله تعالى :{ إِلاَّ الَّذِينَ تَابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ} وقول إنه لا تقبل توبته قال ذلك من قال إن الآية لم تنزل في المحاربين.
وأما صفة التوبة التي تسقط الحكم إنهم اختلفوا فيها على ثلاثة أقوال أحدها أن توبته تكون بوجهين أحدهما أن يترك ما هو عليه وإن لم يأت الإمام والثاني أن يلقي سلاحه ويأتي الإمام طائعا وهو مذهب ابن القاسم.
والقول الثاني أن توبته إنما تكون بأن يترك ما هو عليه ويجلس في موضعه ويظهر لجيرانه وإن أتى الإمام قبل أن تظهر توبته أقام عليه الحد وهذا هو قول ابن الماجشون.
والقول الثالث إن توبته إنما تكون بالمجيء إلى الإمام وإن ترك ما هو عليه لم يسقط ذلك عنه حكما من الأحكام إن أخذ قبل أن يأتي الإمام وتحصيل ذلك هو أن توبته قيل إنها تكون بأن يأتي الإمام قبل أن يقدر عليه وقيل إنها تكون إذا ظهرت توبته قبل القدرة فقط وقيل تكون بالأمرين جميعا.
وأما صفة المحارب الذي تقبل توبته فإنهم اختلفوا فيها أيضا على ثلاثة أقوال أحدها أن يلحق بدار الحرب.
والثاني أن تكون له فئة.
والثالث كيفما كانت له فئة أو لم تكن لحق بدار الحرب أو لم يلحق.
واختلف في المحارب إذا امتنع فأمنه الإمام على أن ينزل فقيل له اختلفا لبعض عنه حد الحرابة وقيل لا أمان.
له لأنه إنما يؤمن المشرك.
وأما ما تسقط عنه التوبة فاختلفوا في ذلك على أربعة أقوال أحدها أن التوبة إنما تسقط عنه حد الحرابة فقط ويؤخذ بما سوى ذلك من حقوق الله وحقوق الآدميين وهو قول مالك.والقول الثاني أن

الصفحة 457