التوبة تسقط عنه حد حقوق الله من الزنا والشراب والقطع في السرقة ويتبع بحقوق الناس من الأموال والدماء إلا أن يعفو أولياء المقتول.
والثالث أن التوبة ترفع جميع حقوق الله ويؤخذ بالدماء وفي الأموال بما وجد بعينه في أيديهم ولا تتبع ذممهم.
والقول الرابع أن التوبة تسقط جميع حقوق الله وحقوق الآدميين من مال ودم إلا ما كان من الأموال قائم العين بيده.
الباب الخامس بماذا تثبت هذه الجناية
وأما بماذا يثبت هذا الحد فبالإقرار والشهادة ومالك يقبل شهادة المسلوبين على الذين سلبوهم.
وقال الشافعي تجوز شهادة أهل الرفقة عليهم إذا لم يدعوا لأنفسهم ولا لرفقائهم ما لا أخذوه وتثبت عند مالك الحرابة بشهادة السماع.
فصل في حكم المحاربين على التأويل
وأما حكم المحاربين على التأويل فإن محاربهم الإمام فإذا قدر على واحد منهم لم يقتل إلا إذا كانت الحرب قائمة فإن مالكا قال إن للإمام أن يقتله إن رأى ذلك لما يخاف من عونه لأصحابه على المسلمين.
وأما إذا أسر بعد انقضاء الحرب فإن حكمه حكم البدعي الذي لا يدعو إلى بدعته فهو يستتاب فإن تاب وإلا قتل وقيل يستتاب فإن لم يتب يؤدب ولا يقتل وأكثر أهل البدع إنما يكفرون بالمآل.
واختلف قول مالك في التكفير بالمآل ومعنى التكفير بالمآل أنهم لا يصرحون بقول هو كفر ولكن يصرحون بأقوال يلزم عنها الكفر وهم لا يعتقدون ذلك اللزوم.
وأما ما يلزم هؤلاء من الحقوق إذا ظفر بهم فحكمهم إذا تابوا أن لا يقام عليهم حد الحرابة ولا يؤخذ منهم ما أخذوا من المال إلا أن يوجد بيده فيرد إلى ربه.
وإنما اختلفوا هل يقتل قصاصا بمن قتل فقيل يقتل وهو قول عطاء وأصبغ وقال مطرف وابن الماجشون عن مالك لا يقتل وبه قال الجمهور لأن كل من قاتل على التأويل فليس بكافر بتة أصله قتال الصحابة وكذلك الكافر بالحقيقة هو المكذب لا المتأول.