كتاب بداية المجتهد - ط الحلبي (اسم الجزء: 2)

والأبين جوازه لكونه عليه الصلاة والسلام أميا وقال قوم لا يجوز وعن الشافعي القولان جميعا لأنه يحتمل أن يكون ذلك خاصا به لموضع العجز ولا خلاف في جواز حكم الإمام الأعظم وتوليته للقاضي شرط في صحة قضائه لا خلاف أعرف فيه.
واختلفوا من هذا الباب في نفوذ حكم من رضيه المتداعيان ممن ليس بوال على الأحكام.
فقال مالك يجوز وقال الشافعي في أحد قوليه لا يجوز وقال أبو حنيفة يجوز إذا وافق حكمه حكم قاضي البلد.
الباب الثاني في معرفة ما يقضي به
وأما فيما يحكم فاتفقوا أن القاضي يحكم في كل شيء من الحقوق كان حقا لله أو حقا للآدميين وأنه نائب عن الإمام الأعظم في هذا المعنى وأنه يعقد الأنكحة ويقدم الأوصياء وهل يقدم الأئمة في المساجد الجامعة فيه خلاف وكذلك هل يستخلف فيه خلاف في المرض والسفر إلا أن يؤذن له.
وليس ينظر في الجباة ولا في غير ذلك من الولاة وينظر في التحجير على السفهاء عند من يرى التحجير عليهم.
ومن فروع هذا الباب هل ما يحكم فيه الحاكم يحله للمحكوم له به وإن لم يكن في نفسه حلالا وذلك أنهم أجمعوا على أن حكم الحاكم الظاهر الذي يعتريه لا يحل حراما ولا يحرم حلالا وذلك في الأموال خاصة لقوله عليه الصلاة والسلام :" إنما أنا بشر وإنكم تختصمون إلي فلعل بعضكم أن يكون ألحن بحجته من بعض فأقضي له على نحو ما أسمع منه فمن قضيت له بشيء من حق أخيه فلا يأخذ منه شيئا فإنما أقطع له قطعة من النار".
واختلفوا في حل عصمة النكاح أو عقده بالظاهر الذي يظن الحاكم أنه حق وليس بحق إذ لا يحل حرام ولا يحرم حلال بظاهر حكم الحاكم دون أن يكون الباطن كذلك هل يحل ذلك أم لا فقال الجمهور الأموال والفروج في ذلك سواء لا يحل حكم الحاكم منها حراما ولا يحرم حلالا وذلك مثل أن يشهد شاهد زور في امرأة أجنبية أنها زوجة لرجل أجنبي ليست له بزوجة فقال الجمهور لا تحل له وإن أحلها الحاكم بظاهر الحكم.
وقال أبو حنيفة وجمهور أصحابه تحل له.
فعمدة الجمهور عموم الحديث

الصفحة 461