كتاب بداية المجتهد - ط الحلبي (اسم الجزء: 2)

المتقدم وشبهة الحنفية أن الحكم باللعان ثابت بالشرع وقد علم أن أحد المتلاعنين كاذب واللعان يوجب الفرقة ويحرم المرأة على زوجها الملاعن لها ويحلها لغيره فإن كان هو الكاذب فلم تحرم عليه إلا بحكم الحاكم وكذلك إن كانت هي الكاذبة لأن زناها لا يوجب فرقتها على قول أكثر الفقهاء والجمهور أن الفرقة ههنا إنما وقعت عقوبة للعلم بأن أحدهما كاذب.
الباب الثالث فيما يكون به القضاء
والقضاء يكون بأربع بالشهادة وباليمين وبالنكول وبالإقرار أو بما تركب من هذه ففي هذا الباب أربعة فصول.
الفصل الأول في الشهادة
والنظر في الشهود في ثلاثة أشياء في الصفة والجنس والعدد.
فأما عدد الصفات المعتبرة في قبول الشاهد بالجملة فهي خمسة العدالة والبلوغ والإسلام والحرية ونفي التهمة.
وهذه منها متفق عليها ومنها مختلف فيها.
أما العدالة فإن المسلمين اتفقوا على اشتراطها في قبول شهادة الشاهد لقوله تعالى :{ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ} ولقوله تعالى :{وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ}.
واختلفوا فيما هي العدالة فقال الجمهور هي صفة زائدة على الإسلام هو أن يكون ملتزما لواجبات الشرع ومستحباته مجتنبا للمحرمات والمكروهات وقال أبو حنيفة يكفي في العدالة ظاهر الإسلام وأن لا تعلم منه جرحة.
وسبب الخلاف:
كما قلنا ترددهم في مفهوم اسم العدالة المقابلة للفسق.
وذلك أنهم اتفقوا على أن شهادة الفاسق لا تقبل لقوله تعالى :{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ } الآية.
ولم يختلفوا أن الفاسق تقبل شهادته إذا عرفت توبته إلا من كان فسقه من قبل القذف فإن أبا حنيفة يقول لا تقبل شهادته وإن تاب.
والجمهور يقولون تقبل.
وسبب الخلاف:
هل يعود الاستثناء في قوله تعالى :{ وَلا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَداً وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ إِلاَّ الَّذِينَ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ} إلى

الصفحة 462