من المساجد ففي ذلك روايتان إحداهما حيث اتفق من المسجد والأخرى عند المنبر.
وروى عنه ابن القاسم أنه يحلف فيما له بال في الجامع ولم يحدد.
وقال الشافعي يحلف في المدينة عند المنبر وفي مكة بين الركن والمقام وكذلك عنده في كل بلد يحلف عند المنبر والنصاب عنده في ذلك عشرون دينارا وقال داود يحلف على المنبر في القليل والكثير وقال أبو حنيفة لا تغلظ اليمين بالمكان.
وسبب الخلاف:
هل تغليظ الوارد في الحلف على منبر النبي صلى الله عليه وسلم يفهم منه وجوب الحلف على المنبر أم لا فمن قال إنه يفهم منه ذلك قال لأنه لو لم يفهم منه ذلك لم يكن للتغليظ في ذلك معنى ومن قال للتغليظ معنى غير الحكم بوجوب اليمين على المنبر قال لا يجب الحلف على المنبر والحديث الوارد في التغليظ هو حديث جابر بن عبد الله الأنصاري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال "من حلف على منبري آثما تبوأ مقعده من النار" واحتج هؤلاء بالعمل فقالوا هو عمل الخلفاء.
قال الشافعي لم يزل
عليه العمل بالمدينة وبمكة.
قالوا ولو كان التغليظ لا يفهم منه إيجاب اليمين في الموضع المغلظ لم يكن له فائدة إلا تجنب اليمين في ذلك الموضع.
قالوا وكما أن التغليظ الوارد في اليمين مجردا مثل قوله عليه الصلاة والسلام "من اقتطع حق امرئ مسلم بيمينه حرم الله عليه الجنة وأوجب له النار" يفهم منه وجوب القضاء باليمين وكذلك التغليظ الوارد في المكان.
وقال الفريق الأخر لا يفهم من التغليظ باليمين وجوب الحكم باليمين وإذ لم يفهم من تغليظ اليمين وجوب الحكم باليمين لم يفهم من تغليظ اليمين بالمكان وجوب اليمين بالمكان وليس فيه إجماع من الصحابة والاختلاف فيه مفهوم من قضية زيد بن ثابت.
وتغلظ بالمكان عند مالك في القسامة واللعان وكذلك بالزمان لأنه قال في اللعان أن يكون بعد صلاة العصر على ما جاء في التغليظ فيمن حلف بعد العصر.
وأما القضاء باليمين مع الشاهد فإنهم اختلفوا فيه.
فقال مالك والشافعي وأحمد وداود وأبو ثور والفقهاء السبعة المدنيون وجماعة يقضي باليمين مع الشاهد في الأموال وقال أبو حنيفة والثوري والأوزاعي وجمهور أهل العراق: