كتاب بداية المجتهد - ط الحلبي (اسم الجزء: 2)

لا يجوز ولا تصح الشهادة.
واختلفوا في العفاص والوكاء هل يقضي به في اللقطة دون شهادة أم لا بد في ذلك من شهادة فقال مالك يقضي بذلك وقال الشافعي لا بد من الشاهدين.
وكذلك قال أبو حنيفة وقول مالك هو أجرى على نص الأحاديث وقول الغير أجرى على الأصول.
ومما اختلفوا فيه من هذا الباب قضاء القاضي بعلمه وذلك أن العلماء أجمعوا على أن القاضي يقضي بعلمه في التعديل والتجريح.
وأنه إذا شهد الشهود بضد علمه لم يقض به وأنه يقضي بعلمه في إقرار الخصم وإنكاره إلا مالكا فإنه رأى أن يحضر القاضي شاهدين لإقرار الخصم وإنكاره وكذلك أجمعوا على أنه يقضي بعلمه في تغليب حجة أحد.
الخصمين على حجة الآخر إذا لم يكن في ذلك خلاف.
واختلفوا إذا كان في المسألة خلاف فقال قوم لا يرد حكمه إذا لم يخرق الإجماع وقال قوم إذا كان شاذا وقال قوم يرد إذا كان حكما بقياس وهنالك سماع من كتاب أو سنة تخالف القياس وهو الأعدل إلا أن يكون القياس تشهد له الأصول والكتاب محتمل والسنة غير متواترة وهذا هو الوجه الذي ينبغي أن يحمل عليه من غلب القياس من الفقهاء في موضع من المواضع على الأثر مثل ما ينسب إلى أبي حنيفة باتفاق وإلى مالك باختلاف.
واختلف هل يقضي بعلمه على أحد دون بينة أو إقرار أو لا يقضي إلا بالدليل والإقرار فقال مالك وأكثر أصحابه لا يقضي إلا بالبينات أو الإقرار وبه قال أحمد وشريح وقال الشافعي والكوفي وأبو ثور وجماعة للقاضي أن يقضي بعلمه ولكلا الطائفتين سلف من الصحابة والتابعي وكل واحد منهما اعتمد في قوله السماع والنظر.
أما عمدة الطائفة التي منعت من ذلك فمنها حديث معمر عن الزهري عن عروة عن عائشة "أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث أبا جهم على صدقة فلاحاه رجل في فريضة فوقع بينهما شجاج فأتوا النبي صلى الله عليه وسلم فأخبروه فأعطاهم الأرش ثم قال عليه الصلاة والسلام إني خاطب الناس ومخبرهم أنكم قد رضيتم أرضيتم قالوا نعم فصعد رسول الله صلى الله عليه وسلم المنبر فخطب الناس وذكر القصة وقال أرضيتم قالوا لا فهم بهم المهاجرون فنزل رسول الله صلى الله

الصفحة 470