بالمدعي فيسأله البينة إن أنكر المدعى عليه.
وإن لم يكن له بينة فإن كان في ماله وجبت اليمين على المدعى عليه باتفاق وإن كانت في طلاق أو نكاح أو قتل وجبت عند الشافعي بمجرد الدعوى.
وقال مالك لا تجب إلا مع شاهد وإذا كان في المال فهل يحلفه المدعى عليه بنفس الدعوى أم لا يحلفه حتى يثبت المدعي الخلطة اختلفوا في ذلك فقال جمهور فقهاء الأمصار اليمين تلزم المدعى عليه بنفس الدعوى لعموم قوله عليه الصلاة والسلام من حديث ابن عباس "البينة على المدعي واليمين عل المدعى عليه" وقال مالك لا تجب اليمين إلا بالمخالطة وقال بها السبعة من فقهاء المدينة.
وعمدة من قال بها النظر إلى المصلحة لكيلا يتطرق الناس بالدعاوى إلى تعنيت بعضهم بعضا وإذاية بعضهم بعضا ومن هنا لم ير مالك إحلاف المرأة زوجها إذا ادعت عليه الطلاق إلا أن يكون معها شاهد وكذلك إحلاف العبد سيده في دعوى العتق عليه.
والدعوى لا تخلو أن تكون في شيء في الذمة أو في شيء بعينه فإن كانت في الذمة فادعى المدعى عليه البراءة من تلك الدعوى وأن له بينة سمعت منه بينته باتفاق.
وكذلك إن كان اختلاف في عقد وقع في عين مثل بيع أو غير ذلك.
وأما إن كانت الدعوى في عين وهو الذي يسمى استحقاقا فإنهم اختلفوا هل تسمع بينة المدعى عليه فقال أبو حنيفة لا تسمع بينة المدعى عليه إلا في النكاح وما لا يتكرر وقال غيره لا تسمع في شيء وقال مالك والشافعي تسمع أعني في أن يشهد للمدعي بينة المدعى عليه أنه مال له وملك.
فعمدة من قال لا تسمع أن الشرع قد جعل البينة في حيز المدعي واليمين في حيز المدعى عليه فوجب أن لا ينقلب الأمر وكان ذلك عندهما عبادة.
وسبب الخلاف:
هل تفيد بينة المدعى عليه معنى زائدا على كون الشيء المدعي فيه موجودا بيده أم ليست تفيد ذلك فمن قال لا تفيد معنى زائدا قال لا معنى لها ومن قال تفيد اعتبرها.
فإذا قلنا باعتبار بينة المدعى عليه فوقع التعارض بين البينتين ولم تثبت إحداهما أمر زائدا مما لا يمكن أن يتكرر في ملك ذي الملك.
فالحكم عند مالك أن يقضي بأعدل البينتين ولا يعتبر الأكثر وقال أبو حنيفة بينة المدعي أولى على أصله ولا تترجح عنده بالعدالة