كتاب بداية المجتهد - ط الحلبي (اسم الجزء: 2)

كما لا تترجح عند مالك بالعدد وقال الأوزاعي تترجح بالعدد وإذا تساوت في العدالة فذلك عند مالك كلا بينة يحلف المدعى عليه فإن نكل حلف المدعي ووجب الحق لأن يد المدعى عليه شاهدة له ولذلك جعل دليله أضعف الدليلين أعني اليمين.
وأما إذا أقر الخصم فإن كان المدعى فيه عينا فلا خلاف أنه يدفع إلى مدعيه.
وأما إذا كان مالا في الذمة فإنه يكلف المقر غرمه فإن ادعى العدم حبسه القاضي عند مالك حتى يتبين عدمه إما بطول السجن والبينة إن كان متهما فإذا لاح عسره خلي سبيله لقوله تعالى :{وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ}.
وقال قوم يؤاجره وبه قال أحمد.
وروي عن عمر بن عبد العزيز وحكي عن أبي حنيفة أن لغرمائه أن يدوروا معه حيث دار ولا خلاف أن البينة إذا جرحها المدعى عليه أن الحكم يسقط إذا كان التجريح قبل الحكم وإن كان بعد الحكم لم ينتقض عند مالك وقال الشافعي ينتقض.
وأما إن رجعت البينة عن الشهادة فلا يخلو أن يكون ذلك قبل الحكم أو بعده فإن كان قبل الحكم فالأكثر أن الحكم لا يثبت وقال بعض الناس يثبت.
وإن كان بعد الحكم.
فقال مالك يثبت الحكم.
وقال غيره لا يثبت الحكم.
وعند مالك أن الشهداء يضمنون ما أتلفوا
بشهادتهم.
فإن كان مالا ضمنوه على كل حال قال عبد الملك لا يضمنون في الغلط وقال الشافعي لا يضمنون المال.
وإن كان دما فإن ادعوا الغلط ضمنوا الدية.
وإن أقروا أقيد منهم على قول أشهب ولم يقتص منهم على قول ابن القاسم.
الباب السادس في وقت القضاء
وأما متى يقضي فمنها ما يرجع إلى حال القاضي في نفسه ومنها ما يرجع إلى وقت إنفاذ الحكم وفصله ومنها ما يرجع إلى وقت توقيف المدعي فيه وإزالة اليد عنه إذا كان عينا.
فأما متى يقضي القاضي فإذا لم يكن مشغول النفس لقوله عليه الصلاة والسلام "لا يقضي القاضي حين يقضي وهو غضبان" ومثل هذا عند مالك أن يكون عطشانا أو جائعا أو خائفا أو غير ذلك من العوارض التي تعوقه عن الفهم لكن إذا قضى في حال من هذه

الصفحة 474