كتاب بداية المجتهد - ط الحلبي (اسم الجزء: 2)

الأحوال بالصواب فاتفقوا فيما أعلم على أنه ينفذ حكمه ويحتمل أن يقال لا ينفذ فيما وقع عليه النص وهو الغضبان لأن النهي يدل على فساد المنهي عنه.
وأما متى ينفذ الحكم عليه فبعد ضرب الأجل والإعذار إليه ومعنى نفوذ هذا هو أن يحق حجة المدعي أو يدحضها وهل له أن يسمع حجة بعد الحكم فيه اختلاف من قول مالك والأشهر أنه يسمع فيما كان حقا لله مثل الإحباس والعتق ولا يسمع ذلك.
وقيل لا يسمع بعد نفوذ الحكم وهو الذي يسمى التعجيز وقيل لا يسمع منهما جميعا وقيل بالفرق بين المدعي والمدعى عليه وهو ما إذا أقر بالعجز.
وأما وقت التوقيف فهو عند الثبوت وقبل الإعذار وهو إذا لم يرد الذي استحق الشيء من يده أن يخاصم فله أن يرجع بثمنه على البائع وإن كان يحتاج في رجوعه به على البائع أن يوافقه عليه فيثبت شراءه منه إن أنكره أو يعترف له به إن أقره فللمستحق من يده أن يأخذ الشيء من المستحق ويترك قيمته بيد المستحق.
وقال الشافعي يشتريه منه.
فإن عطب في يد المستحق فهو ضامن له وإن عطب في أثناء الحكم ممن ضمانه اختلف في ذلك فقيل إن عطب بعد الثبات فضمانه من المستحق وقيل إنما يضمن المستحق بعد الحكم.
وأما بعد الثبات وقبل الحكم فهو من المستحق منه قال القاضي رضي الله عنه وينبغي أن تعلم أن الأحكام الشرعية تنقسم قسمين قسم يقضي به الحكام وجل ما ذكرناه في هذا الكتاب هو داخل في هذا القسم وقسم لا يقضي به الحكام وهذا أكثره هو داخل في المندوب إليه.
وهذا الجنس من الأحكام هو مثل رد السلام وتشميت العاطس وغير ذلك مما يذكره الفقهاء في أواخر كتبهم التي يعرفونها بالجوامع ونحن فقد رأينا أن نذكر أيضا من هذا الجنس المشهور منه إن شاء الله تعالى.
وأما ما ينبغي قبل هذا أن تعلم أن السنن المشروعة العملية المقصود منها هو الفضائل النفسانية فمنها ما يرجع إلى تعظيم من يجب تعظيمه وشكر من يجب شكره وفي هذا الجنس تدخل العبادات.
وهذه هي السنن الكرامية ومنها ما يرجع إلى الفضيلة التي
تسمى عفة وهذه صنفان السنن الواردة في المطعم والمشرب والسنن الواردة في المناكح ومنها ما يرجع إلى طلب العدل والكف عن الجور.فهذه هي

الصفحة 475