كتاب بداية المجتهد - ط الحلبي (اسم الجزء: 2)
يجبره؟ فقال مالك: يجبر السيد عبده على النكاح وبه قال أبو حنيفة.
وقال الشافعي: لا يجبره.
والسبب في اختلافهم:
هل النكاح من حقوق السيد أم ليس من حقوقه؟ وكذلك اختلفوا في جبر الوصي محجوره والخلاف في ذلك موجود في المذهب.
وسبب اختلافهم:
هل النكاح مصلحة من مصالح المنظور له أم ليس بمصلحة وإنما طريقه الملاذ؟ وعلى القول بأن النكاح واجب ينبغي أن لا يتوقف في ذلك.
وأما النساء اللاتي يعتبر رضاهن في النكاح فاتفقوا على اعتبار رضا الثيب البالغ لقوله عليه الصلاة والسلام: "والثيب تعرب عن نفسها" إلا ما حكي عن الحسن البصري.
واختلفوا في البكر البالغ وفي الثيب الغير البالغ ما لم يكن ظهر منها الفساد.
فأما البكر البالغ فقال مالك والشافعي وابن أبي ليلى: للأب فقط أن يجبرها على النكاح وقال أبو حنيفة والثوري والأوزاعي وأبو ثور وجماعة: لا بد من اعتبار رضاها ووافقهم مالك في البكر المعنسة على أحد القولين عنه.
وسبب اختلافهم:
معارضة دليل الخطاب في هذا للعموم وذلك أن ما روي عنه عليه الصلاة والسلام من قوله: "لا تنكح اليتيمة إلا بإذنها" وقوله: "تستأمر اليتيمة في نفسها" خرجه أبو داود والمفهوم منه بدليل الخطاب أن ذات الأب بخلاف اليتيمة وقوله عليه الصلاة والسلام في حديث ابن عباس المشهور "والبكر تستأمر" يوجب بعمومه استئمار كل بكر.
والعموم أقوى من دليل الخطاب مع أنه خرج مسلم في حديث ابن عباس زيادة وهو أنه قال عليه الصلاة والسلام: "والبكر يستأذنها أبوها" وهو نص في موضع الخلاف.
وأما الثيب الغير البالغ فإن مالكا وأبا حنيفة قالا: يجبرها الأب على النكاح وقال الشافعي: لا يجبرها وقال المتأخرون: إن في المذهب فيها ثلاثة أقوال: قول إن الأب يجبرها ما لم تبلغ بعد الطلاق وهو قول أشهب وقول إنه يجبرها وإن بلغت وهو قول سحنون وقول إنه لا يجبرها وإن لم تبلغ وهو قول أبي تمام والذي حكيناه عن مالك هو الذي حكاه أهل مسائل الخلاف كابن القصار وغيره عنه.
وسبب اختلافهم:
معارضة دليل الخطاب للعموم وذلك أن قوله عليه الصلاة والسلام: "تستأمر اليتيمة في نفسها ولا تنكح اليتيمة إلا بإذنها"
الصفحة 5
496