كتاب بداية المجتهد - ط الحلبي (اسم الجزء: 2)

لمقتضى هذا العموم فما روي من أن أبا سفيان بن حرب أسلم قبل هند بنت عتبة امرأته وكان إسلامه بمر الظهران ثم رجع إلى مكة وهند بها كافرة فأخذت بلحيته وقالت:اقتلوا الشيخ الضال ثم أسلمت بعده بأيام فاستقرا على نكاحهما.
وأما القياس المعارض للأثر فلأنه يظهر أنه لا فرق بين أن تسلم هي قبله أو هو قبلها فإن كانت العدة معتبرة في إسلامها قبل فقد يجب أن تعتبر في إسلامه أيضا قبل.
الباب الثالث في موجبات الخيار في النكاح
وموجبات الخيار أربعة: العيوب والإعسار بالصداق أو بالنفقة والكسوة.
والثالث: الفقد: أعني فقد الزوج.
والرابع: العتق للأمة المزوجة.
فينعقد في هذا الباب أربعة فصول:
الفصل الأول في خيار العيوب
اختلف العلماء في موجب الخيار بالعيوب لكل واحد من الزوجين وذلك في موضعين: أحدهما هل يرد بالعيوب أو لا يرد؟. والموضع الثاني إذا قلنا إنه يرد فمن أيها يرد وما حكم ذلك؟. فأما الموضع الأول فإن مالكا والشافعي وأصحابهما قالوا: العيوب توجب الخيار في الرد أو الإمساك وقال أهل الظاهر: لا توجب خيار الرد والإمساك وهو قول عمر بن عبد العزيز.
وسبب اختلافهم:
شيئان: أحدهما هل قول الصاحب حجة والآخر قياس النكاح في ذلك على البيع؟ فأما قول الصاحب الوارد في ذلك فهو ما روي عن عمر بن الخطاب أنه قال: أيما رجل تزوج امرأة وبها جنون أو جذام أو برص وفي بعض الروايات: أو قرن فلها صداقها كاملا وذلك غرم لزوجها على وليها.
وأما القياس على البيع فإن القائلين بموجب الخيار للعيب في النكاح قالوا: النكاح في ذلك شبيه بالبيع وقال المخالفون لهم: ليس شبيها بالبيع لإجماع المسلمين على أنه لا يرد النكاح بكل عيب ويرد به البيع.
وأما الموضع الثاني في الرد بالعيوب فإنهم اختلفوا في أي العيوب يرد بها وفي أيها لا يرد وفي حكم الرد فاتفق مالك والشافعي على أن الرد يكون من أربعة عيوب: الجنون

الصفحة 50