كتاب بداية المجتهد - ط الحلبي (اسم الجزء: 2)

اختلافهم تغليب شبه النكاح في ذلك بالبيع أو تغليب الضرر اللاحق للمرأة في ذلك من عدم الوطء تشبيها بالإيلاء والعنة.
وأما الإعسار بالنفقة فقال مالك والشافعي وأحمد وأبو ثور وأبو عبيد وجماعة: يفرق بينهما وهو مروي عن أبي هريرة وسعيد بن المسيب وقال أبو حنيفة والثوري: لا يفرق بينهما وبه قال أهل الظاهر.
وسبب اختلافهم:
تشبيه الضرر الواقع من ذلك بالضرر الواقع من العنة لأن الجمهور على القول بالتطليق على العنين حتى لقد قال ابن المنذر إنه إجماع.
وربما قالوا النفقة في مقابلة الاستمتاع بدليل أن الناشز لا نفقة لها عند الجمهور.
فإذا لم يجد النفقة سقط الاستمتاع فوجب الخيار.
وأما من لا يرى القياس فإنهم قالوا قد ثبتت العصمة بالإجماع فلا تنحل إلا بإجماع أو بدليل من كتاب الله أو سنة نبيه فسبب اختلافهم معارضة استصحاب الحال للقياس.
الفصل الثالث في خيار الفقد
واختلفوا في المفقود الذي تجهل حياته أو موته في أرض الإسلام فقال مالك يضرب لامرأته أجل أربع سنين من يوم ترفع أمرها إلى الحاكم فإذا انتهى الكشف عن حياته أو موته فجهل ذلك ضرب لها الحاكم الأجل فإذا انتهى اعتدت عدة الوفاة أربعة أشهر وعشرا وحلت قال: وأما ماله فلا يورث حتى يأتي عليه من الزمان ما يعلم أن المفقود لا يعيش إلى مثله غالبا فقيل سبعون وقيل ثمانون وقيل تسعون وقيل مائة فيمن غاب وهو دون هذه الأسنان وروي هذا القول عن عمر بن الخطاب وهو مروي أيضا عن عثمان وبه قال الليث وقال الشافعي وأبو حنيفة والثوري: لا تحل امرأة المفقود حتى يصح موته وقولهم مروي عن علي وابن مسعود.
والسبب في اختلافهم:
معارضة استصحاب الحال للقياس وذلك أن استصحاب الحال يوجب أن لا تنحل عصمة إلا بموت أو طلاق حتى يدل الدليل على غير ذلك.
وأما القياس فهو تشبيه الضرر اللاحق لها من غيبته بالإيلاء والعنة فيكون لها الخيار كما يكون في هذين والمفقودون عند المحصلين من أصحاب مالك أربعة مفقود في أرض الإسلام وقع الخلاف فيه ومفقود في أرض الحرب

الصفحة 52