كتاب بداية المجتهد - ط الحلبي (اسم الجزء: 2)

فاسد, فهذه هي الأنكحة الفاسدة بالنهي.
وأما الأنكحة الفاسدة بمفهوم الشرع فإنها تفسد إما بإسقاط شرط من شروط صحة النكاح.
أو لتغيير حكم واجب بالشرع من أحكامه مما هو عن الله عز وجل وإما بزيادة تعود إلى إبطال شرط من شروط الصحة.
وأما الزيادات التي تعرض من هذا المعنى فإنها لا تفسد النكاح باتفاق وإنما اختلف العلماء في لزوم الشروط التي بهذه الصفة أو لا لزومها مثل أن يشترط عليه أن لا يتزوج عليها أو لا يتسرى أو لا ينقلها من بلدها فقال مالك: إن اشترط ذلك لم تلزمه إلا أن يكون في ذلك يمين بعتق أو طلاق فإن ذلك يلزمه إلا أن يطلق أو يعتق من أقسم عليه فلا يلزم الشرط الأول أيضا وكذلك قال الشافعي وأبو حنيفة.
وقال الأوزاعي وابن شبرمة: لها شرطها وعليه الوفاء وقال ابن شهاب: كان من أدركت من العلماء يقضون بها وقول الجماعة مروي عن علي وقول الأوزاعي مروي عن عمر.
وسبب اختلافهم:
معارضة العموم للخصوص.
فأما العموم فحديث عائشة رضي الله عنها: أن النبي صلى الله عليه وسلم خطب الناس فقال في خطبته " كل شرط ليس في كتاب الله فهو باطل ولو كان مائة شرط " وأما الخصوص فحديث عقبة بن عامر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال " أحق الشروط أن يوفى به ما استحللتم به الفروج " والحديثان صحيحان خرجهما البخاري ومسلم إلا أن المشهور عند الأصوليين القضاء بالخصوص على العموم وهو لزوم الشروط وهو ظاهر ما وقع في العتبية وإن كان المشهور خلاف ذلك.
وأما الشروط المقيدة بوضع من الصداق فإنه قد اختلف فيها المذهب اختلافا كثيرا: أعني في لزومها أو عدم لزومها وليس كتابنا هذا موضوعا على الفروع.
(وأما حكم الأنكحة الفاسدة إذا وقعت) فمنها ما اتفقوا على فسخه قبل الدخول وبعده.
وهو ما كان منها فاسدا بإسقاط شرط متفق على وجوب صحة النكاح بوجوده مثل أن ينكح محرمة العين ومنها ما اختلفوا فيه بحسب اختلافهم في ضعف علة الفساد وقوتهما ولماذا يرجع من الإخلال بشروط الصحة ومالك في هذا الجنس وذلك في الأكثر يفسخه قبل الدخول ويثبته بعده والأصل فيه عنده أن لا فسخ ولكنه يحتاط بمنزلة ما يرى في كثير من

الصفحة 59